دقّ مجلس الأمن الدولي، الخميس، ناقوس الخطر بشأن تصاعد الفظائع في السودان، معبّراً عن “قلقه العميق” إزاء التصعيد المتواصل، بينما كشفت الأمم المتحدة عن “تقارير موثوقة حول عمليات إعدام جماعية” وقعت عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، غرب البلاد، بعد حصار استمر 18 شهراً.
وقال توم فليتشر، مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، إن مدينة الفاشر “انزلقت إلى جحيم أكثر قتامة”، موضحاً أن “نساء وفتيات يتعرضن للاغتصاب، وأشخاص يُشوّهون ويُقتلون في ظل إفلات تام من العقاب”، مؤكداً وجود تقارير موثوقة عن عمليات إعدام جماعية شهدتها المدينة مع دخول قوات الدعم السريع.
وأعرب مجلس الأمن عن قلقه العميق إزاء تصاعد العنف في مدينة الفاشر ومحيطها، مندداً بالفظائع المنسوبة إلى قوات الدعم السريع بحق المدنيين، وبما فيها الإعدامات بإجراءات موجزة والاعتقالات التعسفية. من جانبه، أكد عامل إغاثة في منظمة “أليما” غير الحكومية، أن الوضع الإنساني في مدينة طويلة المجاورة، التي لجأ إليها آلاف المدنيين، شهد تحولاً مأساوياً منذ الأحد، لافتاً إلى معاناة النساء والأطفال من الإرهاق والجوع بعد السير لمسافات طويلة وتعرضهم للعنف والسرقة.
وامتد العنف ليشمل ولاية شمال كردفان المجاورة، حيث أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا، مارثا أما أكيا بوبي، وقوع “فظائع واسعة النطاق ارتكبتها قوات الدعم السريع” في مدينة بارا، بينها مقتل خمسين مدنياً خلال الأيام الأخيرة. كما نبهت إلى توسع الهجمات الجوية المسيّرة لتشمل مناطق جديدة في النيل الأزرق، والخرطوم، وسنار، وجنوب كردفان، وغرب دارفور، ما يشير إلى اتساع النزاع على الأرض.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إنهاء الأعمال الحربية فوراً، في ضوء تقارير عن مقتل أكثر من 460 شخصاً مؤخراً في المستشفى السعودي بمدينة الفاشر، وهي مأساة أكدتها صور بالأقمار الاصطناعية. وتنفي قوات الدعم السريع الاتهامات المتعلقة بقتل مئات المرضى.
ويواصل المدنيون النزوح بكثافة هرباً من القتال الدائر، إذ فرّ منذ الأحد أكثر من 36 ألف مدني من الفاشر ووصل 23 ألفاً منهم إلى مدينة طويلة التي تؤوي أصلاً نحو 650 ألف نازح، وفق تقديرات الأمم المتحدة. ونبّهت “غرفة طوارئ طويلة” إلى المعاناة الإنسانية التي يواجهها النازحون الجدد، مناشدة المنظمات والدول والإقليمية والوطنية تقديم الدعم العاجل.
وأكّدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تعرض المدنيين الهاربين من الفاشر للاغتصاب والنهب والقتل، مستشهدة بتقارير موثقة ولقطات فيديو تظهر إعدامات ميدانية لمدنيين. ومع استمرار انقطاع الاتصالات وصعوبة الوصول للمصادر المحلية المستقلة، توثق لجان المقاومة استمرار الاشتباكات في غرب المدينة.
وبسطت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على إقليم دارفور الذي يغطي ثلث مساحة السودان، في ظل تعثر مفاوضات “الرباعية” المعنية بالأزمة والمكونة من مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، والتي توقفت عند آخر اجتماع لها الجمعة في واشنطن.
واندلعت الحرب في السودان في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط صراع إقليمي محتدم، حيث كشفت تقارير للأمم المتحدة عن تلقي قوات الدعم السريع أسلحة وطائرات مسيّرة من الإمارات، وأفاد مراقبون بتلقي الجيش السوداني دعمًا من مصر والسعودية وتركيا، رغم نفي هذه الدول أي تورط في النزاع.
وتعيد الأعمال الوحشية الأخيرة إلى الأذهان الفظائع التي شهدها إقليم دارفور مطلع الألفية على يد ميليشيات الجنجويد، والتي انبثقت عنها لاحقًا قوات الدعم السريع.
المصدر: أ.ف.ب.
