الأحد   
   09 11 2025   
   18 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 15:31

النائب حسن فضل الله: المطلوب اليوم من هذه الحكومة ألا تكتفي بترداد شعارات ‏لم يعد لها أي معنى

رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب د. حسن فضل الله أن أمامنا في هذه المرحلة تحديات يمكن أن ‏تختصر بثلاثة عناوين، هي الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة الإعمار والوضع الداخلي، وأن لبنان يوضع اليوم ‏أمام خيارين، إما القتل والحرب واستمرار الاستهدافات أو الاستسلام، وإن كنّا لسنا هواة حرب ولكنّ شعبنا ‏الوفي الأبي لا يمكن تحت أي ظرفٍ أن يقبل بالاستسلام أو الخضوع للعدو الذي يستبيح بلدنا ودماءنا ‏ويقتل في كل يوم من أبنائنا الذين يستشهدون في حالة مدنية، ويستهدف المنازل والمنشآت المدنية، ‏ويمارس سياسة العدوان خصوصًا على الجنوب بهدف منع الاستقرار، وحتى لا يطمئن الناس وكي يدفعهم ‏إلى مغادرة هذه القرى والبلدات، ويمنع إعادة الإعمار ويجعل المنطقة غير آمنة وغير مستقرة، ويضغط ‏على البلد من أجل أن يخضعه لمشروعه التوسعي ولشروطه.‏

كلام النائب فضل الله جاء خلال مشاركته في الاحتفال التكريمي لشهداء بلدة برج قلاويه الجنوبية، بحضور ‏فعاليات وشخصيات وعلماء دين وعوائل شهداء والأهالي.‏

وقال النائب فضل الله هناك من يريد أن يضعنا أمام هذا الخيار بالقتل اليومي والحصار والاستهداف ‏والتضليل والتحريض والتشويه، أو أن نستسلم لهذا العدو ويوضع لبنان كل لبنان أمام هذا الخيار ولكن ‏مهما كان نزف الدماء العزيزة والغالية فإننا لن نستسلم، ونحن نعرف أن الوضع صعب، لكن التحدي ‏والتهديد لا يُسقطنا ويجب أن نتحمل، وللأسف في الداخل اللبناني هناك من يعتقد أن العدو الإسرائيلي في ‏استهدافاته يساعده على تنفيذ أجندته الخاصة، أو يظن أن هذا العدو قد يعمل لخدمته ولخدمة حساباته ‏الداخلية، ولذلك يراهن على استمرار هذا النزف ويحاول أن يستثمر في دمائنا من أجل تحقيق مصالح للنفوذ ‏والسيطرة والهيمنة والتسلط في الداخل، وهؤلاء لم يتعلّموا من هذا العدو الذي يعمل لحساب أهدافه ‏التوسعية، وهو الذي يستخدم بعض الأصوات ويستغل بعض التحركات والتحريض داخليًا لتنفيذ مشاريعه، ‏وعندما ينفذ مشاريعه يترك عملاءه ويتخلى عنهم، وتجارب الماضي في لبنان خير دليل على ذلك.‏

وأضاف النائب فضل الله: أمام هذا الواقع، كيف نواجه؟ فالمقاومة كانت تصنع معادلات وكانت تمنع ‏المس بأي مدني في لبنان وتمنع العدو من أن يستهدف الجنوب، وهذا ما كان يحصل خصوصًا منذ تفاهم ‏نيسان 1996 وحتى العام 2006 وصولًا إلى هذه الحرب، لكن حدث متغير كبير له علاقة بكل المجريات التي ‏حصلت وليس فقط في الحرب، لأن المقاومة في الميدان صمدت ومنعت العدو من احتلال الجنوب، ‏ووجودنا هنا بفضل تضحيات المقاومين، وهذه الدماء العزيزة، والمتغيرات حصلت بعد وقف إطلاق النار ‏سواء في لبنان أو في محيطنا الإقليمي أيضًا، وأدى إلى تغيير في الموازين، وبعد وقف إطلاق النار، عندما ‏تصدت الدولة بمؤسساتها لهذا الملف وأعلنت أنها تريد أن تكون هي المسؤولة وتعمل من أجل تطبيق هذا ‏الاتفاق، وافقنا وقبلنا، ولكن اليوم قد يأتي أحد ليسأل عن أي دولة نتحدث أو أين هي مؤسساتها، فهذا ‏واضح لدينا، ولكن لأن هذه المرحلة مختلفة عن الماضي وصلنا إلى ما نحن عليه الآن لجهة إلزام الدولة ‏بتحمل مسؤولياتها الكاملة، وهذا بالأصل من مسؤولياتها.‏

وأضاف النائب فضل الله: المقاومة كانت قد بدأت قبل انطلاقة حزب الله نتيجة ضعف الدولة وغيابها ‏وعدم تحملها المسؤوليات، فقبل حزب الله كان هناك مقاومات، وعندما جاء الإمام المغيب السيد موسى ‏الصدر أنشأ مقاومة، والشعب أيضًا أطلق مقاومة شعبية للتصدي للاحتلال، ونحن في هذا المقطع ‏الزمني نريد لهذه الدولة أن تتحمل المسؤوليات الكاملة رغم كل ما يصيب شعبنا من ألم ووجع ورغم كل ‏هذه الدماء.‏

وأشار النائب فضل الله إلى أننا وفي الوقت الذي نعلم فيه أن الكثيرين يطالبون اليوم بالعودة إلى المعادلات ‏التي كانت موجودة، نصرّ في هذه المرحلة على قيام الدولة بمسؤوليتها، إذ أن لديها الآن آلية للتواصل عبر ‏لجنة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار التي ورغم أنها لم تقم بواجباتها ولم تكن على قدر المسؤولية ‏الملقاة على عاتقها، لكنها لجنة قائمة وتتحمل مسؤولية، ويمكن للحكومة من خلالها أن تلجأ إلى كل ‏الخيارات المتاحة من أجل الضغط لوقف هذه الاعتداءات، فلا يمكن الانتقال إلى مرحلة أخرى قبل استنفاد ‏تطبيق هذا الاتفاق الذي لم يُطبق حتى الآن إلا من طرف واحد.‏

وقال النائب فضل الله: اليوم يخرج بعض المسؤولين ليقول إن قرار الحرب والسلم في يد الدولة، ولكن متى ‏أخذت هذه الدولة قرارًا ليس بالحرب ضد هذا العدو؟ بل قرارًا بالدفاع في وجه هذا العدو ومنعها أحد؟ فنحن ‏نرفض أن يكون في لبنان قرار للاستسلام لهذا العدو، والمطلوب اليوم من هذه الحكومة ألا تكتفي بترداد ‏شعارات لم يعد لها أي معنى، بل أن تلتزم بما كتبته في البيان الوزاري وتتلخص في حماية السيادة وردع ‏المعتدي وإعادة الإعمار وإطلاق الأسرى، وهذه البنود بقيت حبرًا على ورق، ولم يكتشفوا من البيان الوزاري ‏إلا جملة واحدة لا تستهدف حماية السيادة بل توجّه ضد جزء كبير من الشعب اللبناني.‏

وشدد النائب فضل الله على أننا لا نريد للمشكلة أن تصبح لبنانية – لبنانية، في حين أن هناك من يصر في ‏الداخل على أن تكون المشكلة بين اللبنانيين، ولكننا نقول له إن مشكلتنا جميعًا هي هذا العدو، والتهديد ‏الحقيقي هو هذا العدو، لذلك لا يجوز لأحد في لبنان أن ينصب نفسه كأنه صدى للصواريخ الإسرائيلية أو أن ‏يستغل هذا العدوان من خلال حملة التحريض والتضليل التي نسمعها، اتركوا المشكلة مع العدو فلماذا ‏هناك من يريد نقلها إلى الداخل؟ وإذا نُقلت إلى الداخل ماذا سيستفيد؟ وهل يظن أحد في لبنان أن شعبنا ‏يمكن أن ينكسر أو أن ينهزم؟

وتابع النائب فضل الله: المعادلة الداخلية دقيقة وحساسة ولا يحق لأحد أن يمس بها لأن هذا يهدد الداخل ‏اللبناني، ونحن لا نريد تهديد الداخل اللبناني، لكن هناك من يصر على هذا المسار في الوقت الذي يقتل ‏العدو الناس هنا نرى هذه الحملة الداخلية، ولكن من تستهدف هذه الحملة الداخلية؟ ويخرج أحد ليقول إن ‏هناك إجماعًا، ولكن أين هو هذا الإجماع؟ يخرج أحد أيضًا ليمارس سياسة العزل، ولكن على من تمارس هذه ‏السياسة؟ وأنا هنا لا أتحدث عن المسلمين الشيعة في لبنان بل عن بيئة المقاومة التي تمتد داخل كل ‏الطوائف، صحيح أن من مفاخر الشيعة في لبنان أنهم يحملون راية المقاومة، وأنهم رأس الحربة في هذه ‏المقاومة، وأنهم يقدمون التضحيات، لكن هذه المقاومة تمتد على امتداد مساحة بلدنا، وهل يمكن لأحد ‏أن يتوهم أو يعتقد أنه يستطيع أن يعزل هذه الفئة من الشعب اللبناني أو أن يحاصرها؟

أضاف النائب فضل الله: نحن لا نقول إننا نمثل ثلثي الشعب اللبناني، بل أقول لكم إننا أكثر من نصف ‏الشعب اللبناني، ولا أريد أن أقول إننا وحدنا نشكل أكثر من ثلث الشعب اللبناني فكيف سيعزلون ‏ويحاصرون؟ هؤلاء يعيشون في الأوهام، وفي مخيلتهم تاريخ أسود مليء بالأحقاد والضغائن والارتهان، ‏ويعتقدون أن هذه اللحظة هي لحظتهم وأن هذه الفرصة هي فرصتهم، ويقولون إن ما لم يحققوه خلال ‏أربعين سنة وفي اجتياح العام 1982 قادرون على تحقيقه اليوم، وهناك من يعيش في وهم أنه يستطيع ‏الآن أن يتحكّم بلبنان وأن مشروعه انتصر ومشروعنا تراجع أو ضعف، لكن هؤلاء لم يتعلّموا من الماضي ‏وتجارب الماضي، ويراهنون اليوم على الانتخابات وعلى تغيير الموازين عبر قانون الانتخاب تحت عنوان ‏انتخاب المغتربين، لذلك يسعون بكل الوسائل من أجل الانقلاب على القانون الحالي والانقلاب على صيغة ‏الوفاق الوطني وعلى الدستور، ولا يهمهم شيء إلا أن يحققوا ما في مخيلتهم، ففي الوقت الذي يقوم ‏العدو فيه بالقتل والضغط يريدون أن يستثمروا في الداخل.‏

وأردف النائب فضل الله: لا أريد أن أتحدث عن الأخلاق السياسية لأن في لبنان معروف من الذي يملك هذه ‏الأخلاق، وهناك شخص اسمه السيد حسن نصر الله قدم نموذجًا ومدرسة في الأخلاق السياسية، لكن ‏للأسف في الداخل من هو خارج كل هذه المعايير، هناك من يحاول الاستثمار في الداخل في الوقت الذي ‏يقوم فيه العدو بالقتل، ولكن بعيدًا عن المبالغة والحماسة والعنتريات، أقول لكم بكل ثقة، أولًا بالله عز وجل ‏وبشعبنا: في الداخل لدينا بيئة صلبة وشعب وفيّ وقوي وعزيز، ولدينا وحدة على مستوى بيئة المقاومة، ‏والمعادلة الداخلية لا يستطيع أحد أن يغيرها مهما راهن على الخارج، ومهما كان نزف الدماء الذي يسيل على ‏أرضنا، فإننا لن نقبل ولن نسمح لأحد أن يمس بشراكتنا وبحضورنا ووجودنا في إدارة الدولة وفي مؤسساتها ‏وفي تقرير مصير بلدنا، وهذا يستند إلى هذا الشعب وهؤلاء الناس الذين لا يستطيع أحد أن يتجاوزهم وأن ‏يقفز فوق حضورهم الدائم، وليس لدينا خوف في الداخل على وضعنا ولكن نخاف على البلد، ليس لدينا ‏خيارات إلا أن نبقى أقوياء، وأن نتمسّك بهذا النهج، نهج المقاومة وخيارها، وفي المرحلة الحالية المقاومة ‏لها أداء معين، لكن المقاومة تبقى هي المقاومة بحكمتها وشجاعتها وحضورها وشعبها، والسيد حسن ‏نصر الله غرس في لبنان كرامة وعزة وأجيالًا من المقاومين يحملون الراية التي لا تسقط.‏

المصدر: العلاقات الاعلامية