الإثنين   
   10 11 2025   
   19 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 12:42

ميناء تشابهار الإيراني.. محور ناشئ في النظام التجاري الأوراسي

يشهد ميناء تشابهار الواقع في جنوب شرق إيران تحولًا متسارعًا إلى محور استراتيجي في منظومة التجارة الأوراسية الناشئة، مع تصاعد وتيرة التحولات الجيوسياسية العالمية التي تعيد رسم خارطة مسارات التجارة التقليدية.

وتظهر مؤشرات واضحة على تشكّل تحالفات جديدة بين إيران والهند وروسيا ودول آسيا الوسطى، يتمحور أحد أبرزها حول ميناء تشابهار، ما عزز موقع إيران كحلقة وصل رئيسية في منظومة النقل والتجارة بين الشرق والغرب.

وتشير التطورات الأخيرة في سياسات النقل والتجارة الإقليمية إلى بروز نظام اقتصادي جديد، لا يرتكز على مراكز تقليدية في الشرق الأقصى أو أوروبا، بل يتخذ من ممرات أوراسيا الوسطى ومدينة تشابهار نقطة التقاء لمصالح اقتصادية واستراتيجية تخص أربع قوى إقليمية رئيسية.

في هذا السياق، نجحت الهند في تمديد الإعفاء الأمريكي الخاص بميناء تشابهار عدة أشهر إضافية، ما شكّل دفعة قوية لاستمرار وجودها في الميناء وضمان استمرارية التعاون الإقليمي، وفق ما أفادت به وسائل إعلام اقتصادية هندية.

وقد بدأ تطوير الميناء في عام 2016 باتفاقية ثلاثية ضمت إيران والهند وأفغانستان، واستمر تطويره رغم العقوبات الأمريكية بفضل الإعفاءات المؤقتة التي أُقرّ آخرها لمدة ستة أشهر، الأمر الذي سمح باستمرار تنفيذ المشاريع الهندية بموجب عقد تشغيل يمتد لعشر سنوات.

يمتد دور ميناء تشابهار اليوم إلى ما هو أبعد من إيصال المساعدات الهندية إلى أفغانستان، إذ تم دمجه ضمن خطة استراتيجية أوسع تهدف لربط الهند بآسيا الوسطى وروسيا، في وقت تتجه فيه دول مثل أوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان إلى الحد من الاعتماد على الشبكات اللوجستية التي تديرها الصين.

على صعيد آخر، يُعدّ الاجتماع الثلاثي الأخير بين إيران والهند وأوزبكستان، الذي استضافته طهران، خطوة عملية نحو تنشيط التعاون لاستثمار إمكانات ميناء تشابهار والممر الشمالي–الجنوبي، ليكون بديلاً عمليًا عن ممر قناة السويس ومبادرة “الحزام والطريق” الصينية.

في المقابل، تتجه روسيا—في أعقاب العقوبات الغربية والحرب في أوكرانيا—إلى تعزيز خطوطها اللوجستية عبر كازاخستان وأوزبكستان وصولًا إلى تشابهار، ما يمهد لظهور كتلة تجارية إقليمية جديدة تتمركز حول إيران.

كما برزت السياسة البحرية الجديدة للهند، المعروفة باسم ماهساغار والداخلة ضمن خطة ساكرمالا 2.0، والتي تركز على تطوير الموانئ والمسارات البحرية العابرة للأقاليم. ويتوقع أن يُسهم التنسيق بين سياسات الهند والجهات الإيرانية والروسية في تعزيز مكانة إيران ضمن النظام الاقتصادي الإقليمي الصاعد.

وتخلص العديد من التقديرات إلى أن تشكّل كتلة تجارية محورية حول ميناء تشابهار لم يعد مجرد احتمال افتراضي، بل أصبح واقعًا آخذًا في التشكل في الميدان، مع تأكيد أن الاستفادة الإيرانية القصوى من هذا الوضع قد تكون الفرصة التاريخية التي تؤهلها لتصدر مشهد النقل والتجارة في أوراسيا.

المصدر: وكالة مهر