الأربعاء   
   12 11 2025   
   21 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 14:45

سيد الأخدود

الشاعر علاء زياد / غزة

أيا سماحة الألق
وسيد الحب
وإمام الود
أي مقعد صدق اختاره لك الله الودود ..
وأي مشعل عشق حملته بين ضلوعك فأنار الطريق لقافلة الوجود ..

حارت في عميقات التفكر في ملكوت سنين عمرك عقول وفهوم وأفئدة السالكين ..
وماجت في بحر طهرك أرواح الصالحين و الصادقين والصديقين ..
وسار نحو مرمى إصبعك كل صنوف أجناس
العارفين ..

وانعقدت من خيوط عمامتك عصبة الغرباء الثابتين في زمن العبيد المطبعين ..

ولاذ تحت كساء عباءتك الناجون من أوحال ممالك وإمارات الخانعين ..

أيا مستودع أسرار العارفين في كل مكان
واختصار مسيرة المؤمنين على مر الزمان
واختزال بقية صحاح الأديان
وصفوة دين النبي العدنان
وعلم أهل المعرفة والعرفان
وحجة الملسمين والإسلام والإيمان ..

بعثك الله فينا
حين اختلطت على عقول أمتنا الأمور
وتسممت أفكار فتياننا بفتاوى من نبت لحمهم من ثدي مخمور ..
فكنت ذلك اليقين المكنون
والقرآن الناطق المحفوظ
مكياً مدني
والحديث الصحيح المتواتر الموزون
قُدسياً فاطمي ..

وبعد أن استحكم يأس النكبات والنكسات
وحلت لعنة القهر والاستضعاف فملأت أرجاء الأوطان ..
كنت ذلك الفارس القادم من قديم الزمان ..
بدرياً خيبري
أحزابياً خندقي
فكان بك صدق الوعد
ونِعم الرفد
ووفاء العهد ..

وحين تسللت لعقول الأمة سموم الجهل وأبيه
وأحقاد آكلة أكباد الازكياء وذريتها ..
برزت مؤتزراً حِلمك
مرتدياً عِلمك
شاهراً ذي فقارك
فكنت ذلك النجم الثاقب
الأسد الغالب
صفينياً نهروانياً كربلائي ..
نبي زماننا
بوصي صفي هاشمي ..

هناك حيث فلسطين ..
كنت ترجو أن تسكنها وحال بين إداركك أنها تسكنك ما سكن روحك من رجاء الأنبياء
وتواضع الأوصياء
وتذلل الأولياء
وطهر المخلصين الأتقياء الأنقياء ..
لم ترجفك فرائس الأسماء
ولم ترهبك مخاطر الأنواء
قصدت في سبيلها رب الأرض والسماء
سكن الحسين قلبك
واستودعت سرك الزهراء ..
فكنت لجرحها الغائر طبيب
ولندائها دوماً مجيب
ولقلبها أقرب قريب
ولحاجاتها ورجائها خير لبيب ..
فكنت لأهلها ورجالها نعم الأخ الوفي
السمح السخي
النقي الرضي
التقي الأبي ..

وأمام ما حملت في عنقك من أمانات عظام
ومسؤوليات وهموم جسام

ولما كنت باعث روح اليقين بظهور إمام الزمان من أرض الحجاز
مستمداً يقينك من حكمة اليمان
حاملاً على عاتقك أمانة دولة الحق التي أقامها جدك في العراق
فكنت إمام منبر الصدق في لبنان
ومنجد الشام
وحين أراد لك العدو عبثاً أن تكون كبش فلسطين
كنت بكل جدارة نوح الطوفان ..

يا حكمة داوود
وخاتم سليمان
يا صبر أيوب
وجمال يوسف
ويقين يعقوب
يا بشائر عيسى
وتسبيح ذا النون
يا حروف موسى
وأصالة نهج محمد العدنان ..

كلما استرهب الاستكبار ببغيه أفئدة الناس
رميت ما في يمينك فإذا هي تسحق ما يكيدون ..

مذ اشتد عودك خلعت نعليك ونزلت وادياً مقدساً في جنوب العشق كأنه طوى ..
وأسكنت ذريتك في ضاحية ذات زرع بهي ملأ سنبله أجيالاً من المنعة فكان القتل لهم عادة وهوى ..

لم يطفئ غزير عبرات تهجدك في الأسحار
نيران شوقك لرؤية وجه الواحد القهار
حاملاً بين كفيك أسمى أمنية لخاتمة كخاتمة أجدادك الطيبين الأطهار ..

رافعاً إياها في سجودك إلى الواحد الجواد
فآتاك سؤلك يا أشرف الناس وأطهر العباد ..

فكيف لزوجك أن تكون ثكلى وهي تسمع صدى مآذن القدس مرتلاً
سلامٌ على آل ياسين
وكيف لأبنائك أن يمسوا أيتاماً وقد اشتققت أسماءهم من معدن ..
إنهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى
أم كيف لعقيلتك أن تبكيك وعندما أوقد الشيطان أخاديد النار لم يرى أحد ظلها المصون!
فكلما أوقد الكفر والبغي ناراً للحرب أطفأتها سحابة طهرك بدم الوتين ..
لم ترهبك ألسنة أخاديد الحقد والبغي والغي
حين أوقدها أحفاد حمالة الحطب
واستقدموها على متن غربان قتلة الأنبياء والرسل
ومن لف لفيفهم من الظالمين ..
فصدحت بصوتك القادم من أزل اليقين
آمنتُ برب المظلومين والمستضعفين ..

رحل حَسنُ السيادة
تاركاً فينا وصية حُسن العبادة ..
أورث الأمة عمامة الصدق
لتخرجها من ظلمات الخنوع والرِّق
إلى أنوار الحب والعشق ..
وكلّما علا ضجيج العدو ورقصه بقتله، وقد غوى ..
غلبه نشيد بأسه
وترانيم صوته الآتي مع وعد الآخرة
فُزتُ ورب الأقصى ..