الجمعة   
   14 11 2025   
   23 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 11:34

الشوكولاتة الداكنة تحسن الذاكرة فور تناولها

الذاكرة البشرية معروفة بتقلبها الشديد؛ فهي عرضة للتحيز، ومرتبطة بشدة بالمحفزات العاطفية، وكثيراً ما تكون خاطئة تماماً، وسنستفيد جميعاً لو كانت أكثر كفاءة بشكل عام.

والآن، يوضح العلماء أن هناك أدلة قاطعة تشير إلى أن الشوكولاتة الداكنة قد تكون أكثر من مجرد متعة مصحوبة بالذنب، ويمكنها في الواقع أن تحسن الذاكرة وتعزز قدراتنا العقلية.

إذ وجد بحث أُجري على الفئران أن مركبات الفلافانول flavanol – وهي مركبات مرة توجد بكثرة في الشوكولاتة الداكنة والنبيذ الأحمر والتوتيات – قادرة على تحسين الوظائف الإدراكية لمدة ساعة تقريباً بعد تناولها.

وأظهرت الفئران التي تناولت الفلافانول قبل ساعة من تحدي الذاكرة تفوقاً بنسبة 30 في المئة تقريباً في تمييز الأشياء الجديدة، مقارنة بمجموعة مراقبة أُعطيت الماء فقط.

ويؤكد فريق بحثي في معهد شيبورا للتكنولوجيا في اليابان أن النكهات الحادة والمرة في الكاكاو يمكن أن تطلق دفعة في التوقيت المناسب من النورادرينالين في الحصين، وهو الجزء من الدماغ الذي يحول الذكريات قصيرة المدى إلى ذكريات طويلة المدى.

وقد سبق تأكيد وجود علاقة بين مركبات الفلافانول وتحسن الذاكرة والإدراك، فضلاً عن الحماية من التلف العصبي.

وتساعد هذه الدراسة، المنشورة في مجلة “الأبحاث الراهنة في علوم الأغذية” Current Research in Food Science، في تفسير سبب إبلاغ التجارب السابقة والأكبر حجماً عن تحسن في الذاكرة لدى البالغين من البشر الذين يتناولون هذه المركبات بانتظام.

وقال الباحثون إن مركبات الفلافانول على ما يبدو تمنح جهاز الاستجابة للضغوط في الجسم دفعة خفيفة في اللحظة المناسبة تماماً، أشبه بـ”بطاقة تذكير كيميائية” للدماغ.

وفي البداية ركز البحث على ضعف التوافر الحيوي للفلافانول، حيث لا يدخل سوى جزء ضئيل جداً منه إلى مجرى الدم بعد تناوله. لذلك، سعى الفريق إلى سد هذه الفجوة المعرفية، وكان التساؤل: كيف يمكن للفلافانول أن يؤثر في وظائف الدماغ والجهاز العصبي بينما لا يمتص منه سوى القليل جداً؟

كما اختبرت الدراسة الفرضية القائلة بأن المذاق اللاذع للفلافانول قد يعمل بحد ذاته كإشارة مباشرة إلى الدماغ.

ويوضح هذه الفكرة، الباحث الرئيس الدكتور ياسيوكي فوجي في قوله “تتميز مركبات الفلافانول بمذاق لاذع، وقد افترضنا أن هذا المذاق يعمل بمثابة محفز ينقل الإشارات مباشرة إلى الجهاز العصبي المركزي. وبناء على ذلك، يُعتقد أن التحفيز بالفلافانول ينتقل عبر الأعصاب الحسية منشطاً الدماغ، وهو ما يؤدي لاحقاً إلى استجابات فسيولوجية في الأطراف عن طريق الجهاز العصبي الودي.

وأشار الفريق إلى أن “الاختبارات السلوكية كشفت أن الفئران التي تغذت على الفلافانول أظهرت نشاطاً حركياً أكبر، وسلوكاً استكشافياً، وتحسناً في التعلم والذاكرة، مقارنة بالمجموعة المراقبة”.

وأضاف الدكتور فوجي “تظهر هذه النتائج أن تناول الفلافانول يمكن أن يطلق استجابات فسيولوجية واسعة النطاق تشبه تلك التي يسببها التمرين، حيث يعمل كعامل إجهاد معتدل ينشط الجهاز العصبي المركزي ويحسن الانتباه واليقظة والذاكرة”.

وأوضح “استجابات الإجهاد التي أثارتها مركبات الفلافانول في هذه الدراسة تشبه تلك التي تثيرها التمارين البدنية. وبالتالي، فإن التناول المعتدل للفلافانول، على رغم ضعف توافره الحيوي، يمكن أن يحسن الصحة وجودة الحياة”.

المصدر: الاندبندنت