الثلاثاء   
   18 11 2025   
   27 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 10:09

مسؤولة أممية: الجوع والنزاعات باتا تهديدًا إستراتيجيًا للأمن الدولي

حذّرت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، من أن العلاقة المتفاقمة بين الجوع والنزاعات باتت تشكّل تهديدًا إستراتيجيًا ووجوديًا للأمن الدولي، مؤكدة أن المجتمع الدولي لم يعد قادرًا على التعامل مع هذه الأزمة بوصفها مسألة إنسانية فحسب، بل باعتبارها أزمة أمنية عالمية تتطلب تحركًا عاجلًا.

وخلال جلسة مناقشة مفتوحة عقدها مجلس الأمن حول انعدام الأمن الغذائي المرتبط بالنزاعات، أوضحت محمد أن الحرب والجوع غالبًا ما يكونان وجهين لأزمة واحدة، مشيرة إلى أن الإحصائيات تكشف ارتباطًا مباشرًا بينهما، إذ يُعتبر النزاع المسلح العامل الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي الحاد في 14 من أصل 16 بؤرة جوع حول العالم.

وكشفت نائبة الأمين العام أن نحو 295 مليون شخص واجهوا الجوع الحاد خلال العام الماضي، بزيادة بلغت 14 مليونًا عن العام الذي سبقه، كما تضاعف عدد الذين يعانون من الجوع الكارثي ليصل إلى 1.9 مليون شخص. وأكدت أن الرصاص والقذائف لا تحصد الأرواح فحسب، بل تدمر الحقول والطرقات والأسواق، فيما يرد الجوع بضربة موازية عبر تغذية اليأس والنزوح والعنف وانهيار النظم الغذائية.

وتطرقت محمد إلى الأوضاع المأساوية في مناطق النزاع، حيث يواجه السودان اليوم أكبر أزمة جوع على مستوى العالم نتيجة العنف الذي يغذي المجاعة في دارفور وكردفان. أما في غزة، فأشارت إلى أن حالة المجاعة التي تأكدت في أغسطس/آب لا تزال قائمة، ووصفت الوضع بأنه بالغ الخطورة، مؤكدة أن الغذاء تحول هناك إلى سلاح عبر تكتيكات التجويع المتعمد. وتشمل الحلقة المفرغة نفسها ملايين الأشخاص في هاييتي واليمن ومنطقة الساحل والكونغو الديمقراطية، حيث يستمر العنف في تعطيل سبل العيش وإغلاق الطرق أمام أي محاولات للتعافي.

ولفتت إلى “مفارقة صارخة” في الأولويات الدولية، إذ بلغ الإنفاق العسكري العالمي خلال العقد الأخير 21.9 تريليون دولار، بينما لا يحتاج القضاء على الجوع بحلول عام 2030 سوى 93 مليار دولار سنويًا. وأكدت أن تغير المناخ يسرّع الأزمة بقوة مدمرة، إذ تتسبب الفيضانات والجفاف في إتلاف المحاصيل وأراضي الرعي، مشيرة إلى أن الدول الأكثر عرضة لآثار المناخ غالبًا ما تكون نفسها دولًا غارقة في النزاعات، في ترابط وصفته بأنه “ليس مصادفة”.

ودعت أمينة محمد إلى تحرك دولي شامل يعالج الأزمة من جذورها، مؤكدة أن المساعدات وحدها لا تكفي، وأن بناء السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق من دون ضمان قدرة الناس على إطعام أنفسهم. وشددت على أن معالجة الأمن الغذائي تستلزم معالجة أسباب النزاع، معتبرة أن التعامل مع الغذاء والزراعة بوصفهما عنصرين إستراتيجيين هو الطريق نحو سلام دائم وتنمية مستقرة.

المصدر: وكالات