الإثنين   
   24 11 2025   
   3 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 21:35

الحرب المالية الاميركية على لبنان .. دلالات .. احتمالات و كيفية المواجهة ؟

رياح ضغوط دبلوماسية جوهرها سياسي – مالي تسلب المزيد من السيادة اللبنانية وفق معايير الاقتصاد و السياسة و القانون . فقد حملت الرياح اثني عشر شخصية أميركية من وزارة الخزانة وبين أيديهم و بأفواههم بريدًا من الضغط الاستراتيجي وصَفه الاميركيون بـ ” التحذير النهائي ” للدولة اللبنانية ، ما وضَع الدولة  – السيادية في لبنان على المِحك . فما الهدف الرئيس ؟ إلى أين ستقود سياسة الانصياع للتعليمات في حال استمرت ؟  كيف نواجه ؟ و ما الاحتمالات بعد مهلة ال 60 يوما المدّعاة ؟

مطالب بصيغة التحذير

الهدف قيد الاختبار ، و هو حصار بيئة المقاومة لتحقيق ما عجزت عنه الحرب العسكرية حتى الان على مستوى نزع السلاح ، وقف التمويل ، التطبيع و حصار الحدود . و هذا ما جعل هذا الوفد و من سبقه عناوين لكلامه متسلحا بتصريحات تصعيدية انفعالية للرئيس الاميركي دونالد ترمب بالإضافة إلى إقرار ما يسمى ب “إصلاحات مالية و مصرفية جذرية “.

    و قد قفزت صيغة الضغط الاميركي من التوصيات و التعليمات الى الأوامر و التحذيرات ربطا بمُدَدٍ زمنية. و عبر قرار حمل الرقم 3  صدر عن حاكم مصرف لبنان ، تُرجمت التحذيرات عن طريق حزمةٍ وُصفت ب ” الإجراءات الوقائية ” طالت المؤسسات المالية غير المصرفية المرخص لها من المصرف عينه ، من شركات تحويل الأموال والصرافة إلى المَحافظ والمجموعات المالية النقدية . وقد شكلت هذه الخطوة ، الاستجابة الأولى الأبرز في مسار طويل من المنتظر أن يشمل القطاع المصرفي نفسه ، في إطار ما يسمى إعادة ضبط شاملة للقنوات المالية التي يشتبه أنها تستخدم في التهرب من الرقابة  .

وتؤكد المعلومات وفق مصدر مسؤول في مصرف لبنان ، الى أن واشنطن ركزت على ضرورة سد كل الثُغرات التي قد تتيح تمويلاً غير مَرْئي للحزب ، لجهة العملات الاجنبية الصعبة او تلك المشفّرة و ايضا الذهب .

شروط الاستقرار المالي و الاقتصادي خطيرة

انصرف مصرف لبنان نحو مزيد من التشدد بعد الامتثال للأوامر الاميركية بالاخص بعد التعميم 170 القاضي بحظر التعامل مع ” جمعية مؤسسة القرض الحسن ” ،  ثم قراره رقم 3  المرتبط بالتعميم 170 ، و الذي ألزم المؤسسات المالية غير المصرفية المرخص لها من قبل مصرف لبنان بتجميع كم من البيانات التفصيلية الشخصية و العملية عن كل عملية تبلغ 1000 $ فما فوق ، وتحديث نماذج “إعرف عميلك” للمستفيدين الحقيقيين والأشخاص والشركات ، مع إرسال البيانات المشفرة إلى البنك المركزي ، خلال مهلة لا تتجاوز يومي عمل ضمن مواعيد ضاغطة لتطبيق الإجراءات مطلع الشهر المقبل ، و إلى إنهاء ملفات العملاء الحاليين خلال ستة أشهر، تحت طائلة عقوبات صارمة تصل إلى شطب المؤسسات المخالفة للتعليمات الجديدة من سجلات المصرف و سحب تراخيصها .

 ضغط على مراحل .. و 3 أهداف لتعميم الحاكم

 واللافت وفق المصدر المسؤول في المصرف المركزي ، هو طبيعة هذه الإجراءات التي تحمل بعدًا سياسيًا داخليًا حساسًا  يصعب تجاهله . فربط الخطوات حصرا بملف اللائحة الرمادية لمجموعة «FATF »  يبدو و كأنه محاولة احتواء مكشوفة ، خصوصا أن ما يسمى ” مكافحة تمويل الإرهاب ” تستهدف  مباشرة ملف نزع سلاح حزب الله  . ولفت المصدر  إلى ان “البنك المركزي يستكمل هذا المسار عبر الانتقال لاحقا إلى القطاع المصرفي ، حيث ستكون المصارف أمام مرحلة جديدة من الفحوصات والتدقيق متعدد الدرجات ، وصولا إلى تشديد آليات كشف – الأموال غير المشروعة أو المشتبه فيها – ” وفق وجهة نظرهم  .

أهداف التعميم  :

  • كمّ كبير من المعلومات التفصيلية للإحاطة الاستخبارية لكل تصريح عن كل عملية نقدية بقيمة 1000 دولار وما فوق،
  • خفض كبير في قيمة الاموال الخاضعة للرقابة المنقولة عبر الحدود من 15 ألف دولار إلى 1000 دولار ، ما يفرمل و يحاصر الحركة المالية و الاقتصادية و يضع لبنان في سجن الاقتصاد الأمني . و هو بذلك يخالف القانون رقم 42 بتاريخ  24/11/2015 ، والذي صدر  بعد توصيات من مجموعة “غافي”  في إطار مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ، حسب زعمهم ، بهدف اتّخاذ الإجراءات الضرورية الآيلة إلى تعقّب نقل الأموال النقدية عبر الحدود.
  • دفع العمليات النقدية للبنانيين و المقيمين إلى المصارف مجددا التي ابتلعت ودائعهم و أفقرتهم بالاتفاق مع نافذين في السلطة و تحت مرأى و مسمع الادارة الاميركية و توجيهاتها لإحداث الانهيار المالي  .

و قد أكد المصدر المسؤول ، ان هناك خطوات لاحقة ستكون خلال الاشهر القادمة تحت عنوان ” إجراءات احترازية إضافية ” ستطال المصارف التجارية ، بما يؤدي إلى “إقامة حواجز متعددة من الضوابط ونقاط التدقيق ” ، وأن أي مخالفة لهذه الأحكام تعرّض المؤسسات للعقوبات المنصوص عليها في المادة 208 من قانون النقد والتسليف، والتي تتدرج من التنبيه إلى الشطب وسحب الترخيص ، فضلاً عن الغرامات والعقوبات الجزائية التي يتعرض لها المخالف.  

و وفق ما أكده الخبير و الباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين ، إن ما جرى يشكل  خرقا للسيادة المالية النقدية للبنان و يشكل تجاوزا للقوانين التي تحكم عمل المؤسسات المالية و حركة السيولة . وأضاف أن ” التعاميم التي أصدرها حاكم مصرف لبنان مؤخرا كانت طبقا لتوجيهات من الخارج و تشكل مخالفة للمواد 36 / 39 / 42 من قانون النقد و التسليف “، و بالتالي يحق للمتضررين من اللبنانيين و المقيمين الادعاء على ادارة المصرف و حاكمه لدى النيابة العامة المالية .

اما لجهة إدعاء الوفد الاميركي و معه حاكم المصرف من أن الهدف من الإجراءات هو تقليص كتلة ” الكاش ” في لبنان لما تحمله من مخاطر نظرا لانفلاشها و حركتها ، فهي “ لا تتخطى 40 % من التعاملات المالية في اقتصاد صغير كلبنان في حين انها في بلد كألمانيا المتطورة جدا ، تبلغ نسبتها 60 % من التداول . في وقت لا يتخطى الحجم الاجمالي للناتج المحلي اللبناني  30 مليار دولار و ان ما يقارب فقط 12 مليار دولار يتم تداولها بالكاش منها مليار واحد وحيد استعمل لدفع مساعدات اجتماعية للمواطنين المنكوبين عبر مؤسسة  القرض الحسن لتأمين مساكن و أثاث عقب الحرب الاسرائيلية بعد ان تخلت الدولة عن مسؤولياتها .

يبقى للدولة وسلطاتها ان تكشف عن 11 مليار $ من كتلة تداول الكاش “، و لْتُعلن من هم كبار العملاء الماليين و المحركين لهذه السيولة النقدية ؟ و لْتُجب عن أرقام المال السياسي الخارجي لتنفيذ مشاريع داخل لبنان ؟

كما و أن الاجراءات الجديدة تعزز الانكشاف المعلوماتي و الامني في لبنان و هو واقع منذ طلبات أجهزة الامن الفدرالية عقب اغتيال الرئيس الحريري و المحكمة الدولية و ما تلاها و هو متزايد ليطال الدوائر العقارية و السجلات الشخصية و الجامعات ما يهدد الامن الاجتماعي و الامن القومي للدولة و الشعب . كما أن  الحديث عن السرية المصرفية أصبح من الماضي بالاخص بعد قرارات ما يسمى ” الاصلاحات المالية ” و قد تم إلغاؤها بناء لطلب صندوق النقد الدولي ” العصا السياسية المالية لأميركا ” . لكن كما يبدو للعيان ، إن هذا العقاب و الحصار هو موجه ضد فئة كبيرة معينة  ذات رؤوس اموال و عمل و اغتراب و هي  بيئة المقاومة و حلفاؤها .و عليه ، يبدو أن لبنان قد دخل مرحلة دقيقة من الطاعة الخطيرة وفق المعايير الاميركية .

إن ما نشاهده اليوم من تعاميم و قرارات حاكمية مصرفية ، يذكرنا بنسخة جديدة من رياض سلامة ستأتي بكوارث مالية و اقتصادية ان لم تعدل صلاحيات الحاكم حيث الامتثال لطلبات الخارج يشكل سدة الاولويات و هذه القوانين التي تمنع التدخلات الخارجية هي مرتبطة برئاسة الحكومة و وزارتي المال و الاقتصاد و حاكمية مصرف لبنان . هذا ما يسمى بالامن المالي النقدي ، فأين نحن منه و كيف يتحقق ؟

كيفية مواجهة الأضرار و التقليل منها

لمواجهة الاضرار ،  لا بد من دور رقابي فعّال  تلعبه الحكومة عبر مفوّضها لدى المجلس المركزي للمصرف  امام صلاحيات الحاكم الواسعة جدا و لا يجوز التراخي او التنازل لاي سبب  . و ما يحصل على ارض الواقع وفق ما أكده الباحث ناصر الدين ” لا يرتبط بتبييض الاموال انما يرتبط بشؤون مساعدات اجتماعية بحتة تقدمها جمعية القرض الحسن و سواها تقدمها للمحتاجين . و ان ما يُدّعى ان القرار و الاجراءات جاءت لمكافحة غسيل الاموال هو غير صحيح لان ذلك لا يحصل عبر شركات مالية قانونية معروفة و حوالات واضحة انما في حركة سرية و مموهة من اشخاص و جماعات غير معروفين  .كما أن القرار يطال الرئة التي يتنفس منها الاقتصاد و المجتمع اللبناني و مال الاغتراب اللبناني المساهم الأكبر في انقاذ لبنان بعد الانهيار المالي المدبّر .

وان ما يحصل هو استجابة لرغبات حصار مالي اقتصادي بما يخالف التشريعات القانونية اللبنانية و لمواجهته لا بد من تعديلات قانونية اصلاحية في صلاحيات الحاكم في لجنة المال و الموازنة النيابية  لضبط و مراقبة عمل الحاكم على الدوام  و لعدم إفساح المجال امامه للعب دور سياسي مؤثر . ” كما ان من ابرز اهداف الاجراءات المتلاحقة هو دفع اللبنانيين مجددا نحو المصارف التي ادعت الافلاس و أدت الى انهيار اللبنانيين لإعادة تعويمها .

 و كان من المهم عند تعيين الحاكم  ” التوقف مليًاعند برنامجه و خطته الاصلاحية ، و غير صحيح ان لبنان لا يمكنه قول ” لا ” لأميركا و أنه دولة ضعيفة ، فالمثال حيٌ ماثل أمامنا و هو قائد الجيش و مواقفه الوطنية في مواجهة الطلبات و التحديات .  

و المراقب العادي لما يجري يدرك ، أن هناك مشروع لمحاصرة و استهداف طائفة كبيرة و اسعة الانتشار و حالٌ من الاستقواء بالخارج  ما يهدد السلم الاهلي و يعزز فكرة الفدرالية و الفتنة الطائفية بدلا من إلغائها وفق الدستور .

 طلبات تضع لبنان بين الاستسلام و اللاإستقرار المالي و السياسي

الهدف ليس ماليا اذًا ، بل هو محاولةٌ لجر لبنان الى الاستسلام عبر ، و عليه أن يختار بين خيار الشرطين القائم على  الانخراط في مسار التطبيع بنسخته الجديدة و تجفيف مصادر تمويل “حزب الله” أو عليه مواجهة العزلة الدوليةو ما الضغط المالي الا احد هذه الوسائل الاميركية .

و في هذا الإطار أكد الباحث المتخصص بالسياسة الاميركية علي مراد لموقع المنار ، إن خرق الوفد للسيادة اللبنانية فظ و واضح من خلال طلباته تجاه الرؤساء و الحاكم  و ” هؤلاء الموفدون و من سبقهم ، هم قادمون من خلفيات و توجيهات صهيونية و من الطبيعي ان تكون الطلبات تجسد حاجات العدو الاسرائيلي في محاولات لمحاصرة و خنق المقاومة . و هذا ما يشكل الهدف الاساس و المحوري لمنع ارسال و استلام الاموال وفق زعمهم الا ان الاكثر استهدافا هو بيئة المقاومة من فئات طبقة رجال الاعمال و الطبقة الوسطى . كما تهدف الإجراءات الى اعادة التحكم بقبضة حديدية بالحركة المالية و دفع المواطنين بغالبيتهم من جديد نحو المصارف وفق نظامها الحالي المنصاع لاميركا .

وبحسب ما روّج له الاعلام اللبناني المتأثر بالدعاية و التوجيهات الاميركية ، ستركز الخطوات التالية للمصرف المركزي على تنشيط المدفوعات في قطاع المصارف عبر مجالات التجزئة بالوسائل الإلكترونية سواء عبر البطاقات أو الهواتف الذكية والتحويلات الداخلية والخارجية (أونلاين) المربوطة بشبكات تقنية موثوقة لدى المصارف العاملة وفق التعليمات الاميركية  عبر التحكم بضخ السيولة من من فئة الدولار من المركزي الى المصارف حصرا ، في خطوة تضع المواطنين و المودعين قسرا تحت رحمة المصارف لتعزيزها . 

و في هذا الإطار ذكرت صحيفة الشرق الاوسط السعودية أن الجلسات التي عقدها الوفد الاميركي في لبنان بتاريخ  و 10-11 تشرين الثاني نوفمبر 2025  على المستويات الرئاسية ، الوزارية و حاكمية المصرف ، شدّدت على وجوب اتخاذ إجراءات صارمة لسد الثُغرات التي تتيح تسلّل التمويل لصالح منظمة “حزب الله” و مؤسساته، وكبح  شركات صرافة و تحويل أموال وعمليات اتجار مالي معين . و للدلالة ،  فإنّ الإمارات العربية المتحدة التي كانت مدرجة على اللائحة الرمادية و هي الدولة ذات الإطباق الامني الالكتروني المعرفي لكل ما يجري على اراضيها ، و لم تتعامل مع المواطنين و لا المقيمين بالشكل المذلّ الذي تتعامل فيه السلطة في لبنان مع اللبنانيين ،

التحذير النهائي .. مبالغ فيه و غير قابل للتطبيق 

إن التحذيرات و التهديدات الاميركية فهي تأتي من باب ” تزخيم الضغط على اصحاب القرار في الدولة اللبنانية و على اللبنانيين تسريعا لخطوات الاجندة الاميركية الاسرائيلية. لكن الادارة الاميركي تراعي لدرجة الحد الادنى من الخشية على مصالحها لجهة خلط الاوراق او إنفلات للوضع ينتهي بإطاحة لكل ما أنجزوه منذ عام الى الآن مع عدم ضمان ترتيبها من جديد ما قد يفقدها اوراق قوة كانت بيدها . لذا فإنها لا تعدو كونها تهديدات لا ترقى للتنفيذ و التجارب السابقة منذ القرار 1559 عام 2003 حاضرة في الذاكرة ” .

أما الحديث عن تحذير نهائي و مهلة اخيرة و التلويح بالذهاب نحو المجهول هو كلام مبالغ فيه غير قابل للتطبيق واقعيا نتيجة اوراق القوة الكامنة في لبنان ” و التي لا زال العدو الاسرائيلي و معه الاميركي يحسب مئة حساب قبل ان يكسر الحواجز الخطيرة . و منعا لأي انزلاق باجتهادات لنتنياهو ، ادخل الاميركي نفسه في ادارة غرف العلميات في قيادة المنطقة الشمالية و في النقب حيث المركزية و على الحدود مع غزة لضبط ايقاع العدو الاسرائيلي و ترويضه وفق مقتضيات السياسة و الاهداف المشتركة . كما و أن طلبات العفو القضائي عن نتنياهو تهدف لإيجاد قاعدة ثابتة لكبح جماحه و ضبط ايقاع الأحداث .

فالمقاربة الاميركية تقوم على اساس تأمين حدود العدو عبر مناطق امنية عازلة على الحدود مع لبنان و سوريا . لكن مرتكزات السياسة المستجدة لاميركا هي ايجاد الارضية للحد من الحروب المتفجرة عبر العدو الاسرائيلي ايًا تكن الحكومة التي ستستلم زمام الحكم في الكيان ،  فالامور تتجه الى الضبط و الاحتواء لسلوك نتنياهو عبر وسيلة إراحته قضائيا

احتمالات متوقعة للأحداث .. لكن هل هي ممكنة ؟

لجهة احتمالات كيفية تطور الاحداث ، فإن مصالح اميركا الثابتة تقوم حاليا على التمهيد السريع لفرض  التطبيع على نطاق واسع عبر ما يسمى اتفاقات ابراهام . و هذا الامر يستوجب المزيد من الضغط قبل نهوض  النمر الجريح المقاوم ، و في هذا الشأن أكد الباحث علي مراد أن “العين على السعودية في ذلك و التي بواسطتها سيروّض مسؤولو الدولة بالتزامن مع استعمال العصا الاسرائيلية العسكرية و الاعلامية عبر الترويج لطرف و التحريض على اخر بما يخدم الانتخابات القادمة مع حملات اعلامية مأجورة وفق الاجندة الاميركية – العربية “.

و في حال حصل تقدم لافت على مسار التطبيع العلني عبر توقيع السعودية على اتفاقيات ابراهام للسلام الاسرائيلي ، فيسزداد الضغط بشكل مضاعف على لبنان  . و بالتأكيد سوريا بنظامها الجديد ستكون اول الراكبين في باص التطبيع السعودي حيث لن ينطلق سائقه السعودي إلا براكب سوري مستنسخ و آخر لبناني لما يشكله الاول من تأمين للكيان و الثاني من تهديد للامن القومي الاسرائيلي .

أما اذا استمر لبنان برفض الطلبات – الاوامر الاميركية فقد ” نكون امام ايام من تصعيد دون مستوى الحرب و فوق معدل الاعتداءات اليومية لكن ما يؤخر العدو من تصعيد كبير و يجعله مترددا هو خشيته من مفاجآت المقاومة التي قد تقلب التوقعات و طاولة المجريات في هذه الجولة ” وفق ما أكده الباحث مراد  .

و بالتوقف عند تصريحات كبار الرسميين فهي تمثل الحد الادنى من الوطنية ، أما مواقف و أداء قائد الجيش اللبناني فهي متميزة في مواجهه كم هائل من التهديدات و التحديات و هو الذي يقف سدا منيعا قدر الامكان لتأخير او تخفيف او إفشال مخططات اميركا و طلبات اسرائيل العدائية ما يدفع الاميركي الى اعادة النظر في اندلاع مواجهة شاملة مع لبنان. كما فشلوا في زعزعة الخطوط الحمراء عبر تغيير عقيدة الجيش و عناصره تمهيدا لاستخدامه كأداة ضد المقاومة و شعبها .

خلاصة القول

لبنان في قلب العاصفة ، و هو يوصف الآن بانه الاكثر تمردا على السياسة الاميركية الاسرائيلية في المنطقة مقارنة مع غزة المدمرة و دول طوق قد تفكك ابرزها سوريا  وهذا ما يسبب الضغط المتزايد على لبنان لنزع سلاح قوته و حصار خانق ماليا و سياسيا مع هز عصا التهديدات لإحداث الصدمات المناسبة و موجاتها الارتدادية . لكن العارفين بالساسة الاميركيين يجزمون بأنهم من خلال براغماتيتهم السياسية انما يضغطون للحصول على نصف الطلبات و أنصاف حلول وهذا غير واضح حتى الان لكن بالحد الادنى ما يرفضونه اليوم مع ثبات الموقف اللبناني ربما يقبلون به غدا وفق ميزان الربح و الخسارة .

 هذا التحول في أدوات الضغط قد يضع الاقتصاد و الامن اللبنانيين بين فكي كماشة ، بين الضغط الاميركي المالي و التلويح بالتهديدات العسكرية الاقليمية . فهل من مكان لمواقف  متراخية أو لدفن الرأس في الرمال في التعامل مع الطلبات الاميركية التي قد تجر البلد الى ويلات وطنية داخلية و قومية ؟ 

المصدر: موقع المنار