الثلاثاء   
   02 12 2025   
   11 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 19:06

اتحاد الصناعات: الاقتصاد الألماني في “أعمق أزماته” منذ الحرب العالمية الثانية

حذّرت أكبر هيئة صناعية في ألمانيا، الثلاثاء، من أنّ اقتصاد البلاد يمرّ بـ”أعمق أزماته” منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، منتقدة ما اعتبرته تقاعسًا حكوميًا في مواجهة تراجع الإنتاج الصناعي للعام الرابع على التوالي.

وتتوقع الهيئة أن يقتصر أداء الناتج المحلي الإجمالي عام 2025 على حالة ركود شبه تام، بعد عامين من الانكماش، في وقت يبدو فيه المستشار فريدريش ميرتس عاجزًا عن بلورة “الوصفة” اللازمة لدفع الإصلاحات واستعادة ثقة الشركات.​

وقال رئيس “اتحاد الصناعات الألمانية” بيتر ليبنغر في بيان إن أكبر قوة اقتصادية في أوروبا “في حالة سقوط حر، لكن الحكومة الفدرالية لا تستجيب بالقدر المطلوب من الحزم”، محذرًا من أن القطاع الصناعي سيصل مع نهاية 2025 إلى “مستوى متدنٍّ بدرجة مقلقة”.

وصيغ بيان الاتحاد بلغة مقلقة على أقل تقدير، ووجّه انتقادات مباشرة للمستشار ميرتس، المحافظ المتحالف مع الاشتراكيين الديمقراطيين داخل ائتلاف حكومي غير شعبي وصل إلى السلطة في الربيع إثر انتخابات شهدت صعودًا لليمين المتطرف.​

وأوضح الاتحاد: “نتوقع هذا العام تراجعًا بنسبة 2% في الإنتاج، ما يعني عامًا رابعًا من الانكماش الصناعي. هذا ليس تباطؤًا دوريًا، بل تراجع بنيوي”، داعيًا الحكومة إلى “انعطافة في السياسة الاقتصادية مع أولويات واضحة للقدرة التنافسية والنمو”.

وأشار إلى أنّ الإنتاج الصناعي انخفض في الربع الثالث “بنسبة 0,9% عن الربع السابق و1,2% على أساس سنوي”، ما يعكس استمرار التراجع في قطاعات أساسية.​

ظلت ألمانيا لسنوات استثناءً في قارة تتراجع فيها الصناعة، مستفيدة في العقد الماضي من نموذج يقوم على تصدير منتجات صناعية عالية القيمة من مصانع تعمل بأقصى طاقتها، مدعومة بالغاز الروسي الرخيص. لكن جائحة كوفيد-19، وارتفاع أسعار الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتراجع الابتكار، وتصاعد المنافسة الصينية، والرسوم الجمركية الأميركية، جميعها عوامل بدأت تقوّض هذا النموذج وتحول تدريجيًا أكبر اقتصاد أوروبي إلى “رجل أوروبا المريض”.​

وعد ميرتس في الخريف بسلسلة إصلاحات وإجراءات لتخفيف العبء البيروقراطي في ألمانيا والاتحاد الأوروبي، استجابة لمطالب الشركات التي ترى في التشريعات المعقدة عائقًا أمام الابتكار ومصدرًا لتكاليف إضافية.

ودافع الأسبوع الماضي أمام البرلمان عن أدائه، معدّدًا الإصلاحات التي أُقرت، من خفض الضرائب على الشركات إلى آليات جديدة لتسعير الكهرباء، غير أن الصناعيين يعتبرون أن هذه الخطوات لا تزال دون المطلوب.​

وقال اتحاد الصناعات إن “كل شهر يمرّ من دون إصلاحات بنيوية حاسمة سيكلّف مزيدًا من الوظائف”. وتتحمّل سوق العمل كلفة التحوّل الجاري في الصناعة، إذ خسر قطاع السيارات 6,3% من موظفيه خلال عام واحد، أي ما يعادل 48 ألفًا و700 وظيفة، في أكبر تراجع تشهده الصناعة منذ أكثر من عقد.

كما تراجعت اليد العاملة في قطاع المعادن بنسبة 2,6% خلال عام واحد، وبأكثر من 11% منذ 2019، بحسب تقرير الاتحاد.​

وفي قطاع السيارات، تخطط “فولكسفاغن” لشطب 35 ألف وظيفة بحلول 2030، أي ما نسبته نحو 29% من قوتها العاملة في ألمانيا، في إطار خطة واسعة لخفض الكلفة وإعادة هيكلة الإنتاج لمواجهة المنافسة المتزايدة، خاصة من الشركات الصينية.

وقبل أيام، حذّرت نقابة صناعة الكيميائيات والأدوية من أن الإنتاج في القطاع الكيميائي انخفض إلى أدنى مستوى له منذ 30 عامًا، في ظل تراجع الاستثمار وارتفاع أسعار الطاقة.​

في المقابل، تبدو صناعة الأسلحة، المدفوعة باستثمارات بمئات مليارات اليورو في إطار إعادة تسليح ألمانيا وحلف شمال الأطلسي، أشبه بطوق نجاة نسبي للحكومة، التي دعت الثلاثاء إلى تعزيز التعاون بين القطاعات.

وقال وزير الدفاع بوريس بيستوريوس خلال مؤتمر صحافي: “نحتاج إلى شبكة أقوى بين الصناعة المدنية وصناعة الأمن والدفاع”. وأشارت وزيرة الاقتصاد كاتارينا رايش، التي حضرت المؤتمر، إلى “تداخلات تكنولوجية” محتملة مع صناعة السيارات “التي تمتلك قدرات تحتاج إليها منظومة الدفاع بشكل ملح”، في محاولة لربط التحول الصناعي المدني بقطاع الدفاع المتنامي.​

المصدر: أ.ف.ب.