الجمعة   
   05 12 2025   
   14 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 09:06

الصحافة اليوم 5-12-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 5-12-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

غارات إسرائيلية تسقط أوهام سحب الفتائل والذرائع مع تعيين كرم في الميكانيزم | عون: صلاحيّات التفاوض محصورة بملفات الاعتداءات والانسحابات والأسرى | خطأ عراقي تمّ تصحيحه وفتح التحقيق حوله وضع حزب الله على لوائح الإرهاب

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” لم تمرّ ساعات على اجتماع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، بحضور السفير سيمون كرم، حتى شنّ الاحتلال المزيد من الغارات على قرى وبلدات جنوبية، مقدماً الدليل على أن كل الوعود الأميركية والتعديات الإسرائيلية مجرد أكاذيب، وأن التهدئة الموعودة بمجرد الموافقة على السير بتلبية طلبات لا مبرر موضوعياً في عمل لجنة وقف النار ولا في تجاوز الاستعصاء في تطبيق بنود الاتفاق، وكلها ترتبط بالتزام إسرائيلي بوقف الاعتداءات والانسحاب من الأراضي المحتلة إلى خلف الخط الأزرق، لتثبت صحة التحذير من أن الاستجابة لمثل هذه الطلبات بداعي التملّص من الضغوط وتفادي المزيد من الاعتداءات لا يفعل سوى إغراء الاحتلال بالمزيد من الاعتداءات وتقديم المزيد من الطلبات بوهم جديد، أما القول إن ما كان سيجري لو لم يتم التعيين أكبر بكثير مجرد سخافة لا تستحق التعليق، وحدود موضوعات التفاوض، كما أعلنها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، وكلام السفير الفرنسي حول مهام اللجنة التي تقيّد التفاوض ضمنها بمهامها، وكل من الموقفين يتلاقى مع الآخر على أن لا مهام أبعد من تثبيت وقف النار أي وقف الاعتداءات الإسرائيلية، والتحقق من الانسحاب الإسرائيلي، وإطلاق الأسرى، والتحقق من أن الجيش اللبناني يقوم بمهام الانتشار بقواه الذاتية دون شريك جنوب الليطاني.
وأوضح رئيس الجمهورية أن “التوجيهات التي أعطاها ورئيس الحكومة نواف سلام إلى السفير كرم، عنوانها العريض هو التفاوض الأمني، أي وقف الاعتداءات والانسحاب من النقاط المحتلة، وترسيم الحدود، وإعادة الأسرى، وليس أكثر من ذلك، مهما قيل ويقال عكس ذلك”، بينما قال السفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو إنّ “إدخال عنصر مدني إلى الوفد اللّبناني في اللّجنة، لا يخرج عن النّطاق المعتمَد بدايةً لهذه الآليّة، لذلك فإنّ المشاركة حصلت على المستوى المدني وشارك مدنيّون في أعمال الآليّة، ولسنا في صدد الحديث عن مفاوضات مباشرة بين “إسرائيل” ولبنان”، مشدداً على “ضرورة انسحاب القوّات الإسرائيليّة من النّقاط الخمس المحتلّة على طول الحدود اللّبنانيّة، وعلى وجوب الكفّ عن أيّ انتهاكٍ للسّيادة اللّبنانيّة من خلال الضّربات الجوّيّة وحتى من خلال عمليّات التوغّل”، مذكّرًا بأنّ “اتفاق وقف الأعمال العدائيّة تحدّث عن ضرورة استعادة الحكومة اللبنانية لكامل سيطرتها على السّلاح على كلّ أراضيها، ولا بدّ من التحقّق من ذلك”.
في لبنان والعراق والمنطقة بلبلة سببها إعلان صدور قرار عراقي بوضع حزب الله وحركة أنصار الله اليمنية على لوائح الإرهاب العراقية، وهو ما تولت قناة الحدث نشره والترويج له ودار الحوار حوله بعد لحظات من صدوره، قبل أن تعلن السلطات العراقية أن القرار خطأ ناجم عن اعتماد وثيقة ماليزية ملحقة تطلب اعتماد ضم تنظيمات متفرعة عن داعش والقاعدة إلى لوائح الإرهاب، والوثيقة الملحقة بالقرار اقترحت بالإضافة لذلك عدداً من التنظيمات منها حزب الله وأنصار الله التي لم تجد قبولاً عراقياً، وأن القرار العراقي محصور بإضافة التنظيمات المرتبطة بداعش والقاعدة، لكن المعنيين بتحويل قرار الحكومة إلى النشر خلطوا بين القرار والوثيقة المرفقة به، وبعد تصحيح القرار خلال دقائق وفتح تحقيق لمعرفة الملابسات، بقي السؤال هل الخطأ كان عفوياً أم مدبراً لإرباك العراق ولبنان وقوى المقاومة، بحيث توضع الحكومة بين التراجع عن القرار المدبّر كخطأ فتغضب واشنطن، أو تبقي على القرار لتفادي الغضب الأميركي فتسيء إلى هوية العراق ومقاومته والعلاقة المميزة بين العراق والمقاومة في لبنان وبيئتها؟

وبعد يومٍ واحد فقط على إعلان رئاسة الجمهورية تكليف السفير السابق سيمون كرم كرئيس للوفد اللبناني في مفاوضات لجنة «الميكانيزم»، ورغم عقدها اجتماعاً بحضور كرم، وحديث السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى عن «حسن نوايا» بين لبنان و»إسرائيل»، عبّر الاحتلال الإسرائيلي عن «حسن نواياه» بعدوان على الجنوب والبقاع عبر سلسلة غارات بإنذارات وأخرى من دون إنذارات، ما يرسم وفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» تساؤلات وعلامات استفهام حول جدوى التفاوض إذا لم يقترن بوقف الاعتداءات لفترة معينة بالحد الأدنى؟ وتحذر المصادر من تقديم الدولة اللبنانية تنازلات إضافية من دون أي خطوات إسرائيلية مقابلة لا بل استمرار الاعتداءات مع احتمال فرض مطالب وشروط جديدة في المفاوضات.
وبدّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أوهام بعض القوى السياسية الداخلية وأحلام رئيس حكومة الاحتلال والإعلام الإسرائيلي الذين يسوّقون بأنّ المفاوضات تمهّد للسلام والتعاون الاقتصادي بين لبنان و»إسرائيل»، وأكد رئيس الجمهورية خلال جلسة مجلس الوزراء أن المفاوضات «عنوانها العريض هو التفاوض الأمني، أي وقف الاعتداءات والانسحاب من النقاط المحتلة، وترسيم الحدود، وإعادة الأسرى، وليس أكثر من ذلك، مهما قيل ويقال عكس ذلك».
وأشار مصدر وزاري لـ»البناء الى أن «إسرائيل» تريد الاصطياد بالمياه العكرة، وتسوّق بأن تعيين عضوين مدنيين في لجنة «الميكانيزم» لإحداث انقسام داخلي واستثمارها سياسياً في الداخل الإسرائيلي، وشدّد المصدر على أن رئيس الجمهورية قدّم إحاطة لمجلس الوزراء حول خلفية الخطوة التي أقدَم عليها وهدفها وحدودها، والهدف الأساس هو تخفيف الضغط السياسي والدبلوماسي والعسكري عن لبنان وفتح كوة في جدار الأزمة المغلقة وتقديم ورقة للأميركيين للضغط على رئيس الحكومة الإسرائيلية خلال اللقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن، وتجنيب لبنان أيّ تصعيد أو حرب إسرائيلية واسعة على لبنان. وشدّد المصدر على أن التفاوض غير مباشر ولم يخرج عن الاجتماعات التقليدية داخل اللجنة، وتقتصر على الملفات الأمنية ووقف الاعتداءات والانسحاب من النقاط الخمس وتسوية النقاط المتنازع عنها وتثبيت الحدود البرية واستعادة الأسرى، ولا علاقة لها بأي مفاوضات سلام وتطبيع كما يُشاع».
ووفق معلومات «البناء» فإنّ أيّاً من وزراء الثنائي حركة أمل وحزب الله لم يعترض أو يتحفظ على الخطوة الرئاسية، بل كان تأكيد من بعض الوزراء على موافقة الرئيس نبيه بري ضمن تفاهم مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على الأطر التي تحدّد المفاوضات، غير أنّ الاعتراض جاء من وزير الخارجية يوسف رجي لأنه لم يُستشر لا في التكليف ولا في الاسم المكلف.
ولفتت مصادر سياسيّة وفق قناة «الجديد»، إلى أنّ «احتمال التصعيد الإسرائيلي يبقى قائماً رغم توسيع وفد التفاوض»، مبيّنةً أنّ «القرار اللّبناني لاقى ارتياحاً عربيّاً ودوليّاً، ومن شأنه خفض التصعيد في المنطقة»، كما أفادت بأنّ «زيارة المبعوث الرّئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان الأسبوع المقبل، تأتي استكمالاً للمساعي الدّبلوماسيّة الفرنسيّة الّتي بدأت لخفضِ التصعيد في لبنان، وقد تقرّرت بعدما أَعلن لبنان قبوله بتوسيع تمثيله في لجنة الميكانيزم».
وشدّد السّفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو، على «ضرورة التفريق بشكل واضح بين المفاوضات السّياسيّة بين «إسرائيل» ولبنان، وبين عمل لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائيّة (الميكانيزم)»، مشيراً إلى أنّ «إدخال عنصر مدني إلى الوفد اللّبناني في اللّجنة، لا يخرج عن النّطاق المعتمَد بدايةً لهذه الآليّة، لذلك فإنّ المشاركة حصلت على المستوى المدني وشارك مدنيّون في أعمال الآليّة، ولسنا في صدد الحديث عن مفاوضات مباشرة بين «إسرائيل» ولبنان». وبيّن أنّ «ما يحدث اليوم بكلّ بساطة هو أنّنا شهدنا على تبادل على المستوى العسكري وبمشاركة ممثّلين مدنيّين من البلدان المختلفة».
بدوره، اعتبر السفير الأميركي ميشال عيسى أن «هذه الخطوة تشير إلى رغبة صادقة في السعي نحو حلول سلمية ومسؤولة مبنية على حسن النية. لا يمكن تحقيق تقدم مستدام إلا عندما يشعر كلا الجانبين بأن مخاوفهما محترمة وآمالهما معترف بها. ويبقى التوافق والتفاهم والقيادة المبنية على المبادئ أموراً أساسية». أضاف: «أرحّب أيضاً بقرار الحكومة اللبنانية باعتماد الحوار بعد عقود من عدم اليقين. يُمثل هذا خطوةً بناءةً نحو تحديد مسارات قد تسمح يوماً ما لكلا البلدين بالتعايش بسلام واحترام وكرامة. بصفتي سفير الولايات المتحدة لدى لبنان، أؤكد مجدداً التزامنا بدعم جميع الجهود التي تعزّز السلام والاستقرار والأمن. إن الولايات المتحدة على استعداد للمشاركة والمساعدة في المبادرات التي تخفف الأعباء عن كاهل الشعوب التي عانت من مشقات جسدية ومعنوية عميقة، وهي معاناة لا ينبغي أبداً لأي مجتمع أن يواجهها».
وفيما نال ملف التفرّغ في الجامعة اللبنانية الحيّز الأكبر من مداولات الجلسة، مرّ التقرير الذي طرحه قائد الجيش العماد ردولف هيكل خلال الجلسة حول خطته لحصر السلاح من دون أيّ تحفظ وفق معلومات «البناء»، حيث عرض ما قام به الجيش خلال الشهر الماضي وكرّر القائد تأكيده بأنّ الجيش يقوم بكلّ واجباته في منطقة جنوب الليطاني وما يعيق استكمال عمله هو الاحتلال الإسرائيلي، كما ربط العماد هيكل البدء بتطبيق المرحلة الثانية من الخطة في شمال الليطاني بوقف الاعتداءات والانسحاب الإسرائيلي من الجنوب.
وعقد مجلس الوزراء جلسته فيما كانت المسيّرات الإسرائيلية تخرق الأجواء اللبنانية على علو منخفض فوق قصر بعبدا، وبالتزامن مع الاستهدافات لعدة قرى جنوباً. وقد تكرّر هذا الأمر أكثر من مرة، في وقت لفتت مصادر وزارية إلى أن مجلس الوزراء تطرق إلى موضوع الاعتداءات وأدانها فقط.
وأشار وزير الإعلام بول مرقص خلال تلاوته مقررات مجلس الوزراء، إلى أن رئيس الجمهورية قال إنه «تم تعيين السفير السابق سيمون كرم عضواً في لجنة «الميكانيزم»، وذلك بعد مشاورات بيني وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، حول ضرورة حصول مفاوضات في الناقورة وتطعيم اللجنة بشخص مدني».
وأكّد أنّ «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهّدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي، وأن الغاية ليست استهداف فئة او شريحة من اللبنانيين كما بدأ البعض بالترويج له، بل حماية لبنان، كل لبنان، ولا يجب على أحد أن يأخذ المسألة إلى مكان آخر، وحتى الآن ردود الفعل على الاجتماع الأول كانت إيجابية، وهذا ما يجب أن نستغله لتحقيق هدفنا بإبعاد شبح الحرب الثانية عن لبنان، واتفقت مع الرئيسين بري وسلام على اسم السفير كرم لكونه سفيراً سابقاً ومحامياً وشارك في الوفد اللبناني في مفاوضات مؤتمر مدريد للسلام، وله باع كبير في هذا المجال».
وشدّد على «وجوب أن تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب، وعلى أن لا تنازل عن سيادة لبنان، وعندما نصل إلى اتفاق سيظهر ما إذا كان هناك من تنازل، وعندها سنتحمل المسؤولية، أما قبل ذلك فلا يجوز الحكم على النوايا قبل أن يتم الإعلان عن أي اتفاق، وليس هناك من خيار آخر سوى التفاوض، وهذا هو الواقع وهذا ما تعلمناه في تاريخ الحروب، وركّز عون وفق مرقص على أنّ «المطلوب من المجتمع الدولي وفي مقدّمه الولايات المتحدة الأميركية العمل على إنجاح المفاوضات من خلال الطلب إلى «إسرائيل» الالتزام بالتعاطي بروح إيجابية وجدية، وهذا ما سأقوله، لوفد مجلس الأمن الذي سيزور لبنان غداً برفقة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، وسيتوجهون إلى الجنوب كما سفراء الدول لمعاينة الواقع الميداني والصورة الحقيقية لما يجري هناك بدل الاعتماد على الشائعات».
وأوضح أن «التوجيهات التي أعطاها وسلام إلى السفير كرم، عنوانها العريض هو التفاوض الأمني، أي وقف الاعتداءات والانسحاب من النقاط المحتلة، وترسيم الحدود، وإعادة الأسرى، وليس أكثر من ذلك، مهما قيل ويُقال عكس ذلك».
كما أعطى الرئيس عون توجيهاته إلى الأجهزة الأمنية «للقيام بدورها الكامل في تأمين الأجواء الملائمة للأعياد المجيدة في الفترة المقبلة، وحماية الدولة اللبنانية لأبنائها في كل الأوقات».
بينما نقل موقع «إسرائيل هيوم» الإسرائيلي عن مسؤول مطلع أن «الاجتماع المقبل بين المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين سيكون في 19 كانون الأول»، استقبل رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في السراي، رئيس الوفد اللبناني إلى اجتماعات لجنة الميكانيزم السفير سيمون كرم، واطّلع منه على نتائج اجتماع الميكانيزم الذي عُقد أمس الأول. وأكّد الرئيس سلام للسفير كرم أنّ ترؤسه للوفد اللبناني «يشكّل خطوة مهمة في دفع عمل الميكانيزم».
كما زار كرم الرّئيس السّابق للحزب «التقدّمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، بحضور رئيس الحزب «التقدّمي» النّائب تيمور جنبلاط وعضو كتلة «اللّقاء الدّيمقراطي» النائب وائل أبو فاعور. واطّلع جنبلاط من كرم على نتائج اجتماع «الميكانيزم» الّذي عُقد أمس الأربعاء في النّاقورة، مؤكّداً «دعمه لكرم في مهمّته، حفاظاً على حقوق لبنان».
في غضون ذلك، حافظ حزب الله على صمته حيال الخطوة الرئاسية، بانتظار كلمة لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم اليوم، فيما رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله في كلمة ألقاها في مشهد الإيرانية، «أن تقديم التنازلات لكيان الاحتلال يشجعه أكثر على المضي في عدوانه، بينما المطلوب اليوم هو الصمود وعدم السقوط أمام اللحظة الصعبة، فالمستقبل لن يكون إلا لمصلحة شعوبنا».
أمنياً، أصدر المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي على منصة «اكس» تحذيراً لسكان منطقتي محرونة وجباع، زاعماً أنه «سيهاجم جيش الدفاع على المدى الزمني القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله في أنحاء جنوب لبنان وذلك للتعامل مع المحاولات المحظورة التي يقوم بها حزب الله لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة». وبعد تنفيذ الغارتين أصدر تحذيراً آخر لسكان بلدتي برعشيت ومجادل واستهدفهما بغارتين عنيفتين”.

الأخبار:

“إسرائيل” تردُّ بالغارات… وعون وسلام يُصِرَّان: بري شاركنا اختيارَ كرم | الخطة – 2 : نقل القوات الدولية لمحاصرة لبنان شرقاً وشمالاً

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية “مرّة جديدة، تعيد إسرائيل تذكير الجميع بحقيقة موقفها من كل الحوارات السياسية. فبعدما أقدمت السلطة في لبنان على تنازل كبير، من خلال الدخول في مفاوضات مباشرة ذات طابع سياسي، جاء الرّد الإسرائيلي على شكل تصعيد عسكري، تجاوز نشر المُسيّرات فوق مناطق كثيرة من البقاع والجنوب وبيروت، إلى إرسال إنذارات إلى سكان قرى محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل الجنوبية، قبل أن تقوم الطائرات بالإغارة على منازل مدنية فيها. في هذا الوقت، واصلت قواته المنتشرة على الحدود قصفها المدفعي لمناطق حدودية، وإعاقة عمل موظفين من «مؤسسة كهرباء لبنان» في الجنوب.

أمّا في بيروت، فبينما كان الرؤساء الثلاثة يهتمّون أمس بتوضيح ما اعتبروه «المهمة المحدّدة» للسفير سيمون كرم في لجنة الـ«ميكانيزم»، كان هناك جهد لإبعاد النقاش عن أمر أكثر خطورة، سوف يكون عنواناً للبحث في الفترة المقبلة، وسوف تكون انطلاقته اليوم مع وصول وفد مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، من دمشق، والذي ستنضم إليه المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس الموجودة حالياً في لبنان.

ومن المُفترض أن يقوم الوفد برفقة سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بزيارة للجنوب، وتفقّد الأوضاع على الأرض، خصوصاً في المناطق الحدودية، مع الإشارة إلى أن قيادة الجيش اللبناني عرضت أن تُقدِّم برنامجاً هدفه إظهار ما قام به لبنان من جانبه لتنفيذ القرار 1701.

وعلمت «الأخبار» أن النقاش الفعلي، انتقل إلى مرحلة عزل لبنان بصورة أمنية وعسكرية تامّة، وأن المشروع لا يتعلق بتوفير ضمانات أمنية على الحدود الجنوبية لوقف اعتداءات إسرائيل، بل في كيفية إيجاد مخرج سياسي وعملاني، للإبقاء على القوات الدولية التي تنتهي مهامها في الصيف المقبل، من خلال تكليفها بمهمة جديدة، وهي الإشراف على كامل الحدود اللبنانية مع سوريا براً وبحراً، مع الإبقاء على مراقبين عند الحدود الجنوبية.

وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن المشروع تقوده فرنسا بصورة جدّية، وهي ما بدأته الموفدة الرئاسية الفرنسية إلى لبنان، آن كلير لوجاندر، في زيارتها الأخيرة للبنان، والتي تبيّن أنها تستهدف بصورة رئيسية عرض «خدمات فرنسا» لإنجاز حوار لبناني – سوري برعاية فرنسية من أجل ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين.

لكن تبيّن، أن الحديث يدور عمّا هو أبعد، إذ إن الفرنسيين على وجه الخصوص، وكذلك أطرافٌ أوروبية أخرى، يريدون بقاء قواتهم في لبنان، وهم يحتاجون إلى غطاء دولي، ولو من الناحية السياسية، مع استعداد «الاتحاد الأوروبي» لتوفير تمويل لعمل هذه القوات. أمّا الأساس، فهو إقناع لبنان بأنه يحتاج إلى مثل هذه القوات لأجل المساعدة على ضبط الحدود البرية مع فلسطين المحتلة وسوريا على حدّ سواء.

وتضيف المعلومات، أن إسرائيل التي لا تريد بقاء القوات الدولية في الجنوب، تُظهِر تجاوباً محصوراً في دور لبريطانيا دون غيرها من الدول، على قاعدة توسيع عمل الجانب البريطاني في بناء أبراج المراقبة على طول الحدود البرية للبنان جنوباً وشرقاً وشمالاً. وهو أمر بدأ العمل به، وقد حصلت لقاءات في بيروت وعلى الأرض في البقاع من أجل تحديد نقاط جديدة لهذه الأبراج. ويصرُّ الإسرائيليون على حصر الأمر في الجانب البريطاني، كون التنسيق بين الجانبين كبيراً، وأن إسرائيل تريد ضمانة بأن لا يتم توجيه هذه الأبراج نحو الجنوب، بل أن تبقى مُركَّزة على الجانب الشمالي من الحدود.

وبحسب المعلومات، فإن الأميركيين، قد يوافقون على انتشار القوة الدولية الجديدة على الحدود مع سوريا، مع تخصيص فرقة مراقبين بعدد لا يتجاوز المئة عنصر، على أن تختار أميركا وإسرائيل هوية الدول التي ينتمون إليها، وتكون لهم مراكز عمل في الجنوب، وفق نفس المبدأ الذي تعمل تحته قوة «الأندوف» في الجولان السوري المحتل.

واللافت، أن في لبنان حماسة كبيرة للأمر، خصوصاً من جانب رئيس الحكومة نواف سلام، الذي أشار إلى الأمر في جلسة مجلس الوزراء أمس، علماً أن سلام، كان قد اطّلع من نائبه الوزير طارق متري على نتائج زيارته لسوريا، وحصيلة بحثه مع الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في مسألة ترسيم الحدود.

وعلم سلام أن القيادة السورية أبلغت متري صراحة أنها لا تجد الوقت مناسباً للبحث في ترسيم القسم الخاص بمزارع شبعا المحتلة، وأن دمشق لا تجد حاجة إلى أن تكون هناك وساطة فرنسية بين سوريا ولبنان لإنجاز ترسيم الحدود البرية.

وعلمت «الأخبار» من مصدر سوري رسمي أن دمشق «لديها كل الوثائق التي تحتاج إليها لأجل ترسيم الحدود البرية مع لبنان، وأن الأمر يحتاج إلى جهد لأن الحديث لا يتعلق بمناطق غير مأهولة، بل كون أي ترسيم ستكون له موجبات على آلاف المواطنين اللبنانيين والسوريين الذين يعيشون في مناطق متداخلة بين البلدين منذ عشرات السنين، وأن البتّ في الأمر يحتاج إلى ترتيبات خاصة».

وقال المصدر السوري إن دمشق «تفضّل أن لا يتورط لبنان في استقدام المزيد من القوات الأجنبية إلى أراضيه، وإن وجود مثل هؤلاء العناصر على الحدود مع سوريا قد تكون له انعكاسات سلبية على الجميع».

وسأل المصدر السوري عن موقف حزب الله من هذه الخطوة، قائلاً: «نعرف مثلكم، أن الهدف الفعلي لمثل هذا الانتشار، هو التضييق أكثر على حزب الله، وأن سوريا لن تكون أمام مشكلة، حتى في حالة معالجة ملف التهريب على الحدود، لكنّ هناك مشكلة جدّية ستبرز مع حزب الله سياسياً وأمنياً وستكون هناك مشكلة أخرى ذات بعد اجتماعي واقتصادي مع سكان المناطق الشمالية، خصوصاً في عكار».

عون وسلام: بري يعرف بتسمية كرم
إلى ذلك، تواصل الاهتمام أمس بقرار لبنان تكليف السفير السابق سيمون كرم بترؤّس وفد لبنان إلى المفاوضات القائمة مع إسرائيل عبر لجنة الـ«ميكانيزم».

وفيما أصرّت المصادر القريبة من الرئيس نبيه بري على نفي معرفته بقرار تسمية كرم، وأنه كان فقط في أجواء قرار إضافة موظف مدني له دور تقني إلى اللجنة، تعمّد الرئيس جوزيف عون في جلسة الحكومة أمس، القول إن قرار تسمية كرم كان بالتنسيق مع بري وسلام. وأشار عون أمام الوزراء إلى أن التشاور لم يقتصر على فكرة إضافة المندوب المدني، بل على اختيار السفير كرم نفسه. وبرّر عون الخطوة بأن لكرم تجربته في المفاوضات مع إسرائيل، على إثْر مؤتمر مدريد، في مطلع تسعينيات القرن الماضي.

عون الذي أبلغ أحد زواره، أمس، أنه لم يتشاور مع حزب الله في القرار، قال أمام الحكومة، إنه «لن تكون هناك أي تنازلات عن سيادة لبنان في أي اتفاق مع إسرائيل».

ورأى عون أنه «ليس هناك من خيار آخر سوى التفاوض». وكان لافتاً أن عون تحدّث عن سلام، حينما قال إن رئيس الحكومة «أعطى توجيهات إلى السفير كرم بأنه مُكلّف بالتفاوض الأمني فقط، أي العمل على وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من النقاط المحتلة وترسيم الحدود وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين فقط، دون أي مهمة أخرى».

أمّا سلام، فعبّر أمام زواره عن استغرابه من محاولة بري التنصّل من مشاركته في تسمية كرم. وقال إن الأمر لا يتم بصورة سرية، ورئيس الجمهورية يتولّى التنسيق مع رئيس مجلس النواب ومع الجميع، مضيفاً أن رفضه عقد اجتماع رئاسي ثلاثي حول الأمر يتعلق بموقفه المبدئي الرافض لإقرار أي إطار يتجاوز اتفاق الطائف.

لكن ذلك لا يعني أن التشاور يجب أن لا يحصل. ونقل زوار سلام عنه أن بري شارك في القرار ليس بصفته رئيساً لمجلس النواب، بل بما يمثّله سياسياً، معتبراً أنه ليس هناك من حاجة إلى التشاور مع الأحزاب الأخرى في الأمر، قاصداً حزب الله، لأن لديه من يمثّله في الحكومة. وكرّر سلام أن لبنان «لا يريد مفاوضات تستهدف التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، بل اعتماد الآليات التي تسحب من إسرائيل الذرائع لتجنيب لبنان حرباً جديدة».

وبحسب زوار سلام، قال رئيس الحكومة إنه اطّلع شخصياً على الجهود الكبيرة التي يقوم بها الجيش في منطقة جنوب الليطاني، ولكن في حال لم تبادر إسرائيل إلى الانسحاب ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى، فإن الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة حصر السلاح قد يصبح صعباً”.

المانحون لا يريدون مساعدة الجنوبيين!

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “في ظلّ الموت اليومي الذي يشهده جنوب لبنان بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة منذ عام، يُلحَظ الغياب شبه التام عنه، لهيئات الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة العاملة في المجال الإنساني. وهذه تُبرِّر أمام موظفيها ولمن يستفسر حول عدم مساعدتها لأهالي الجنوب، بأن التواجد في تلك المناطق فيه مخاطر عالية على طاقم العمل.

مع العلم أن المنظمات الأممية لديها خطوط مفتوحة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ تتواصل معه عبر مكتب تنسيق الأمم المتحدة في بيروت، الذي يُنسِّق مع مكاتب المنظمة الدولية في دول أخرى، والتي تتواصل بدورها مباشرةً مع إسرائيل، لإبلاغ جيشها عن تواجد طواقم العمل الإغاثية في أماكن مُصنَّفة خطرة في لبنان، وتأمين سلامة العاملين فيها.

عدا عن ذلك، يوجد في الجنوب إلى جانب الشرائح المُعرَّضة للاستهداف اليومي، عشرات آلاف الجنوبيين النازحين عن بلداتهم الحدودية، بسبب الدمار فيها، وقيام العدو بمنعهم من العودة إليها. وهي شرائح يفترض أن تكون مستهدفة ببرامج الاستجابة الأممية، مع الإشارة إلى أنهم يتواجدون في مدن مثل النبطية وصور والمناطق المحيطة، ولا يسكنون في مناطق حدودية خطرة.

هكذا أغلب مشاريع الاستجابة الإنسانية، لا تطال الجنوبيين والبقاعيين وسكان الضاحية الجنوبية لبيروت، بهدف تدفيع بيئة المقاومة ثمن خياراتها السياسية. مع العلم أن المعايير الدولية للاستجابة الإنسانية في الأزمات والحروب، تضع هذه الفئة اليوم في أعلى قائمة من يتوجب مساعدتهم.

في المقابل، يُلاحَظ أن زوار هيئات الأمم المتحدة، من ممثلي جهات مانحة يزورون لبنان، يتم اصطحابهم إلى مناطق جنوبية خارج دائرة الاستهداف الإسرائيلي.

هذه القرارات ذات البعد السياسي الواضح، لم تبدأ اليوم، فالمعلومات تشير إلى «اشتراط جهات مانحة على بعض الجمعيات التي استلمت مساعدات بعد وقف إطلاق النار (كانت قد طلبتها أثناء الحرب لتقديمها للنازحين)، ألّا يتم توزيعها على العائلات التي تركت أماكن النزوح وعادت إلى الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، بل توزيعها في مناطق عمل الجمعيات (مثلاً في الجبل أو بيروت… إلخ)».

كذلك، تُفيد بعض الجميعات أنه أثناء الحرب، طُلب منها مشاركة بيانات العائلات النازحة التي تّقدِّم لها المساعدة، في إطار تنفيذها مشاريع مُعيّنة. وحدثَ أن دقّقت منظمات وجهات مُموِّلة في ما إذا كان هناك أصحاب جمعيات وعاملون وناشطون فيها شاركوا في تشييع السيد حسن نصرالله. وبعض الجمعيات وُجِّه إليها أسئلة من نوع: «في حال طلب مساعدتكم أفراد أو عائلات تنتمي إلى حزب الله، كيف تتصرّفون؟»”.

من لم تُقعِده الحرب أقعدتْه تبعاتها: 30 ألف معوّق في غزة

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “قلبت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة البناء المجتمعي للغزيين، وصنعت من المصابين ذوي الإعاقة الحركية طبقةً اجتماعية جديدة كليّاً. فهؤلاء، الذين شكّلوا طوال السنوات الماضية أقلية تحظى بما تحتاج إليه من خصوصية ورعاية وإعادة تأهيل مستمرة، باتوا اليوم شريحةً واسعة بعد عامين من الحرب طبّقت في خلالهما إسرائيل نسقاً عدوانياً غير مسبوق. ووفقاً لإحصائيات وزارة الصحة، فإن عدد ذوي الإعاقة الحركية تجاوز الـ6000 من أصل نحو مئتَي ألف جريح. وتراوِح إصابات هؤلاء بين فقدان طرف علوي أو سفلي، وفقدان الرؤية في إحدى العينين، والتعطّل النسبي في وظائف الأعضاء الحركية، والشلل النصفي أو الكلي.

ويفيد ظريف الغرة، وهو مسؤول «شبكة الأجسام الممثّلة للإعاقة» في القطاع، إلى أن عدد المصابين الذين أسهمت الحرب في تغيير نسق حياتهم الطبيعي، وأصبحوا بحاجة إلى مساعدة من الغير، وصل إلى 30 ألف شخص. على أن هذا الرقم يظلّ مرشّحاً للارتفاع سريعاً؛ إذ بحسب رئيس بلدية غزة، يحيى السراج، فإن مزيداً من المصابين ينضمون يومياً إلى قائمة مبتوري الأطراف بسبب تدهور مستوى الرعاية الطبية وعدم توفّر المتطلّبات الفنية والطبية اللازمة لإنقاذ أطرافهم من البتر. نموذج من ذلك ما تعرّض له محمود مطر، وهو طبيب عمل شهوراً في «مستشفى الإندونيسي» شمال القطاع، من إصابة بليغة تركّز ضررها في كلتا قدميه، إذ منذ بداية الحرب وحتى لحظة تمكّنه من السفر للعلاج، خاض رحلة شاقّة انتهت ببتر الطرفين. يقول الرجل، في حديثه إلى «الأخبار»، «أُصبت جراء قصف استهدف البيت الذي كنت أبيت فيه. نُقلت إلى مستشفى الإندونيسي، وأمضيت هناك ليلتين في انتظار دوري لإجراء عملية تركيب مثبت بلاتين لإنقاذ ساقيَّ. وخلال الانتظار، حاصر جيش الاحتلال المستشفى، ثم نُقلت في ظروف صعبة إلى المستشفى الأوروبي جنوب مدينة غزة، حيث انفلتت في الطريق الوعرة أسياخ البلاتين من عظامي». ويضيف: «حين وصلت إلى جنوب القطاع، كان عليّ أن أوقّع على ورقة أقبل فيها بتر قدميَِّ، نظراً إلى أن حالتهما وصلت إلى مرحلة التعفّن ولم تعد الدماء تصل إليهما».

ويلفت مطر إلى أنه خضع لأكثر من 50 عملية جراحية في غزّة والخارج، لكن «حتى اللحظة لم أستطع التعافي واستخدام الأطراف الصناعية»، مضيفاً أن «تقييم الأطباء أنه كان من الممكن إنقاذ ساقي لو توفّرت العناية الطبية المطلوبة». ويتابع: «أنا والآلاف أمثالي، بُتِرت أطرافنا لأن لا متّسع للعلاج في المستشفيات التي تزدحم بعشرات الآلاف من الحالات الخطيرة، فكان البتر أسرع الحلول لإنقاذ الحياة».

على باب مركز الأطراف الصناعية في مدينة غزة، يتجمّع العشرات من مبتوري الأطراف؛ من أطفال لم تتجاوز أعمارهم السنوات العشر، إلى شبان وفتيات يتكئون على العكاكيز. ووسط هذا المشهد، كان أسامة الغندور، وهو شاب فقد كلتا ساقيه، يحبو على الأرض نحو بوابة المركز. يقول الغندور الذي تعرّض لإصابة بليغة أقعدته عن الحركة والقدرة على العمل وكسب الرزق: «فقدت ساقيَّ الاثنتين في استهداف أثناء محاولتي إنقاذ أحد المصابين في حيّ الشجاعية. اليوم جئت إلى مركز الأطراف على أمل أن أحصل على كرسي متحرك أو سيارة كهربائية أتنقّل بها». ويضيف، في حديثه إلى «الأخبار»: «أنا محتاج أطلع أشتغل لأني أعيل سبعة أبناء، وبدي أكسب رزقي بكرامة. في المركز أخبرونا إنو ما في إلي علاج هان في غزّة؛ تركيب قدمين بحاجة إلى خبرات وسفر إلى الخارج».

على أن حالة الغندور تتشابه مع مئات الحالات التي تعجز الإمكانات المتوفرة في مركز الأطراف التابع لبلدية غزة عن تلبيتها. وفي هذا الإطار، يوضح الناطق باسم البلدية، حسني مهنا، أن المركز تعرّض خلال عامَي الحرب لضغط غير مسبوق، إذ تلقّى طلبات تركيب أطراف صناعية لـ1700 مصاب، فيما قدّم الخدمة منذ تأسيسه قبل 49 عاماً لـ 1600 حالة فقط.
وإذ يعكس ما تقدّم تحوّل حالات البتر، التي كانت نادرة في المجتمع، إلى ظاهرة واسعة تحتاج إلى متطلّبات وإمكانات فنية ولوجستية وطبية، يقول مهنا إن «إسرائيل تمنع إدخال المواد والأجهزة المساعدة اللازمة لتأهيل المصابين»، لافتاً إلى «(أننا) في المركز نقدّم خدمة «تفصيل» الأطراف الصناعية السفلية، وليس بوسعنا التعاطي مع مبتوري الأطراف العلوية. وحتى الذي نستطيع تقديمه، تَحول المقدرات المحدودة والنقص الحاد في المواد الخام دون توفيره لجميع الجرحى».

غير أن العقبات التي تواجهها هذه الشريحة تتجاوز الحصول على طرف صناعي أو رعاية آنية؛ إذ يوضح محمد حميد، الذي فقد ساقه في الأشهر الأولى للحرب، أن العيش في مدينة غزة وسط الدمار الهائل بات «مهمة شبه مستحيلة على الأصحّاء، فالشوارع مُدمّرة لا يستطيع الأسوياء المشي فيها، والمنازل مُهدّمة، ولا وسائل نقل مُتاحة، فكيف بأصحاب الإعاقات الحركية؟». ويضيف، في حديثه إلى «الأخبار»، أنه «في السابق، كانت المراكز الحكومية وحتى المحالّ التجارية مُهيّأة للمعوّقين حركيّاً، أمّا في الوقت الحالي فكل شيء مُدمّر. أنا وأمثالي، تتجاوز مشكلتنا الحصول على طرف صناعي أو كرسي متحرك، إلى مستوى أكثر تعقيداً، كل شيء نعيشه يومياً صعب وشاقّ، لا نستطيع قضاء أدنى حاجاتنا من دون مساعدة وتدخّل من العائلة»”.

«حماس» تُواصل العمل بنظام «الطوارئ» | نهاية أبو شباب: اليوم التالي ليس للعملاء

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “قُتل أمس، ياسر أبو شباب، أحد أبرز المتعاونين مع العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، في حادثة أثارت جدلاً واسعاً حول ملابساتها وخلفياتها، فيما وُصفت من قبل مصادر أمنية وعشائرية بأنها «نهاية طبيعية» لرجل احترف العمالة ومهّد الطريق لإنشاء ميليشيا محلية مرتبطة بالاحتلال، تحت مُسمى «القوات الشعبية». أبو شباب، الذي برز اسمه في السنوات الأخيرة بوصفه رأس حربة في مشروع الاحتلال لتكوين ميليشيات مسلّحة «بديلة»، بدأ مسيرته بسرقة المساعدات الإنسانية، قبل أن يتحوّل إلى وكيل ميداني للعدو في تنفيذ مهمات أمنية وعسكرية، كان من أبرزها تأمين ما سمّته إسرائيل «المناطق الآمنة» في شرقي رفح، ضمن مشروع «رفح الخضراء»، الهادف إلى فصل تلك المنطقة عن محيطها، وتحويلها إلى نموذج لحكم بديل لـ«حماس».

وفيما تحدّثت روايات أولية عن اغتياله من قبل مجهولين، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية بأن أبو شباب قُتل متأثّراً بجروحه بعد تعرّضه «لضرب مُبرّح خلال شجار داخلي بين عناصر عصابته»، وذلك على خلفية «صراعات متصاعدة حول حجم الارتباط بالأجهزة الإسرائيلية». إلا أن مصادر عشائرية أكّدت أن قتله تمّ على أيدي اثنين من أبناء قبيلته، «الترابين»، في اشتباك قبلي في شرقي رفح، في حين ذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أخرى أن «أبو شباب قُتل في عملية اغتيال متعمّدة ومُخطّط لها مُسبقاً».
وعلى أي حال، أكّدت أوساط أمنية إسرائيلية أن مقتل أبو شباب «يشكّل ضربة قوية للمشروع الإسرائيلي الرامي إلى خلق سلطة ميدانية بديلة في غزة، تقوم على تشكيلات مسلّحة محلية موالية»، في إطار ما يُسمى «خطة اليوم التالي»، كما يعزّز في الوقت نفسه حضور «حماس» كسلطة فعلية في القطاع. وفي ظلّ فراغ قيادي وتضارب في الأنباء حول مستقبل الميليشيا، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن نائبَي أبو شباب، غسان الدهيني (المسؤول عن البنية العسكرية) وحميد الصوفي (المسؤول عن الجهاز المدني)، مرشّحان لتسلّم قيادتها بعد مقتل زعيمها، علماً أن الدهيني أُصيب أيضاً خلال أحداث أمس، حيث جرى نقله بمروحية إلى مستشفى «برزيلاي» في عسقلان المحتلة.

وبمعزل عن ما انتشر في غزة من روايات متضاربة حول ملابسات مقتل أبو شباب، إلا أن ما لم يكن موضع خلاف، هو مشاعر الارتياح العارم التي عبّر عنها الغزّيون وقوى المقاومة في القطاع، والذين رأوا في مقتله «نهاية متوقّعة لكل عميل وخائن». ولم يتأخّر تعليق «الهيئة العليا لشؤون العشائر» في القطاع، التي رأت أن نهاية أبو شباب تعبّر عن «طبيعة المصير المحتوم لكل من اختار العمالة طريقاً، وفضّل الوقوف في صف الاحتلال على الانتماء إلى شعبه وقضيته». وأكّدت الهيئة أن «الاحتلال لا يمنح الأمان حتى لأدواته، وأن من يتورّط في التواطؤ لا مكان له بين أبناء الشعب الفلسطيني».
وفي تل أبيب، لم تُخفِ القنوات العبرية تبرّمها من مقتل رجل كان «يُعوّل عليه» في تثبيت نموذج «المنطقة الآمنة» في رفح، إذ اعتبر مراسل قناة «كان» للشؤون العسكرية، أليئور ليفي، أن الاغتيال «يؤكّد أن حماس لا تزال راسخة ولن تتراجع»، فيما نقلت «القناة 12» العبرية تعليقاً من جهاز «رادع» التابع لأمن «حماس» على مقتل أبو شباب، جاء فيه: «قلنا لك، إسرائيل لن تحميك».

«أمن المقاومة» لا يغفل
بدورها، لا تزال المقاومة تحاول استيعاب الواقع الميداني الطارئ في قطاع غزة، ولا سيما في ضوء مواصلة العدو الإسرائيلي ترميم «بنك أهدافه» وتنفيذ عمليات انقضاض متفرّقة. وفي هذا السياق، دفعت عمليات الاستهداف الإسرائيلية التي طاولت كوادر في المقاومة، إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير المشدّدة، بهدف إبقاء حالة التأهب قائمة لدى المقاومين، وضمان استمرار القيادة في الالتزام بـ«تدابير الحماية والسرية». وبعض عمليات الاستهداف الأخيرة تلك، كانت على يد العدو مباشرة، ومن خلال اختطافات وتصفيات تنفّذها عصابات محلية تعمل لحسابه.

وفي حديث إلى «الأخبار»، أكّد مصدر قيادي في أمن المقاومة، أن الأخيرة «أحبطت خلال الفترات الماضية عدداً من المحاولات التي سعت من خلالها عصابات الاحتلال إلى اختطاف كوادر محدّدة، وقد نجحت الأجهزة الأمنية في الإيقاع بالمنفّذين، والسيطرة على أدواتهم، وكشف خيوط مرتبطة باغتيال أحد القادة الميدانيين على يد عملاء الاحتلال». وكشف المصدر أن الجهد الأمني تزامن مع إنجاز ميداني بارز، تمثّل في الوصول إلى عناصر ومفاصل أساسية في الشبكات المرتبطة بهذه العصابات، التي تتركّز في المناطق المُصنّفة بـ«الحمراء» و«الصفراء»، الخاضعة لحماية أمنية مباشرة من الاحتلال، إذ تمكّنت المقاومة، بحسب المصدر، من «تحييد هذه المفاصل، وإلقاء القبض على عدد من المتورّطين، فيما سلّم آخرون أنفسهم عبر وساطات عائلية وجهات اجتماعية، من بينهم نحو 100 شخص كانوا يعملون بشكل مباشر ضمن تلك الشبكات».

وفي سياق متصل، كشف أمن المقاومة، عبر منصّاته، عن خيوط عملية اغتيال الشيخ محمد أبو مصطفى، القيادي في حركة «المجاهدين»، والتي نُفّذت خلال الشهر الفائت، في منطقة المواصي في محافظة خانيونس. وبيّنت نتائج تحقيقات المقاومة أن «عميلاً ينتمي إلى عصابة يقودها المدعو حسام الأسطل، هو من نفّذ العملية، التي هدفت إلى تصفية الشيخ أبو مصطفى، المسؤول عن ملف تأمين أسرى الاحتلال لدى كتائب المجاهدين». وأوضح مصدر في أمن المقاومة أن هذه العملية تعبّر عن نمط «الاغتيال الصامت» الذي يعتمده العدو، من خلال
حالة طوارئ
وعلى المستوى التنظيمي، لا تزال حركة «حماس» تعمل حتى اللحظة وفق محدّدات «حالة الطوارئ»، وضمن إطار «المجلس القيادي» الذي يترأّسه محمد درويش، من دون أي خطوات انتقالية جديدة تتعلق بإدارة المشهد الداخلي والتنظيمي للحركة. وترى الحركة أن «المعطيات والظروف الراهنة في قطاع غزة تفرض استمرار العمل وفق آليات الطوارئ، من دون اللجوء إلى ملء المواقع الثمانية التي شغرت عقب اغتيال عدد من قيادات المكتب السياسي». وبحسب أوساط «حماس»، فإن قيادة المكتب السياسي للحركة هي من يتولّى إدارة الملفات السياسية، وقد «رفضت بشكل قاطع إجراء أي تعيينات إدارية مرتبطة بالمواقع الحكومية في غزة»، التي بقيت شاغرة منذ اغتيال المهندس عصام الدعاليس، رئيس «لجنة العمل الحكومي». وأشارت المعلومات إلى أن «الجهات الحكومية في غزة تقتصر مهامها على تقديم الخدمات الإنسانية، من دون أي صلاحيات مالية أو سياسية»، لافتة إلى أن «جميع أشكال الضرائب والرسوم – بما فيها ضريبة الدخل والقيمة المضافة والجمارك والرسوم الجمركية – متوقّفة تماماً». كما أكّد مصدر مطّلع، لـ«الأخبار»، أن «الحكومة في غزة لا علاقة لها بإدخال الشاحنات أو فرض رسوم على دخول البضائع»، وأن «المجال فُتح أمام المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية لإدخال المساعدات بحرّية»، إضافة إلى «السماح للتجار بإدخال السلع بهدف كسر سياسة التجويع، ومنع الاحتكار، وتوفير احتياجات السوق المحلي»”.

مناورات «سهند 2025»: إيران تعمّق انخراطها الأمني شرقاً

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “تشكّل مناورة «سهند 2025» المشتركة لمكافحة الإرهاب، والتي تقام شمال غربي إيران، برعاية القوات البرّية لـ«الحرس الثوري»، منعطفاً في التعاون الأمني بين أعضاء «منظّمة شنغهاي للتعاون». وتُعدّ هذه المناورة، التي بدأت الإثنين الماضي وتنتهي اليوم الجمعة، الأولى من نوعها لدول المنظّمة، التي تقام على الأراضي الإيرانية؛ كما أنّ تركيبة الدول المشارِكة فيها وطبيعة العمليات التي تتخلّلها، إلى جانب هوّيات السلطات الأمنية والقيادات العسكرية الحاضرة لفاعليّاتها، والرسائل الجيوسياسية المراد إيصالها عبرها، كلّها مظاهر تحمل دلالات في ما خصّ التعاون الأمني بين أعضاء المنظّمة.

وتجري «سهند 2025» في إطار مهمّة مكافحة «الشرور الثلاثة» لدى «منظمة شنغهاي للتعاون» – أي مكافحة الإرهاب والتطرُّف والنزعة الانفصالية -، وتحت إشراف «الهيكلية الإقليمية المناهضة للإرهاب» (RATS)؛ وهي تركّز على السيناريوات العملانية لمواجهة المجموعات الصغيرة المتفرّقة والمتحرّكة بقوّة والمقصود بها تلك التي نفّذت أنشطة واسعة، في السنوات الأخيرة، على حدود منطقة شمال غربي إيران، وبعض المناطق الحدودية لجمهورية آذربيجان وإقليم كردستان العراق.

ويُظهر تصميم سيناريوات المناورة، أنّ الهدف منها ليس التصدّي لتهديد كلاسيكي، بل آخر غير متناظر، وذلك عبر استخدام المسيّرات الصغيرة والهجمات الهجينة ونصب الكمائن الحضرية والاستفادة من الأراضي الوعرة. وفي هذا الإطار، وفّرت مشاركة فرق خاصة من الدول الأعضاء في المنظّمة، إمكانية تبادل الخبرات المختلفة في مجال التصدّي للمجموعات المتطرّفة – بدءاً من القوقاز وصولاً إلى آسيا الوسطى وباكستان – في ميدان مشترك.

ومن ناحية مشاركة الدول، تُعدّ «سهند 2025» واحدة من أضخم المناورات المتعدّدة الجنسيات التي تجري على الأراضي الإيرانية، في أثناء السنوات الأخيرة؛ إذ يشارك فيها إلى إيران، كلّ أعضاء «شنغهاي للتعاون»، وهم: روسيا، الصين، الهند، باكستان، كازاخستان، قرغيزيا، طاجيكستان، أوزبكستان وبيلاروسيا. وإلى هؤلاء، شاركت أيضاً كل من السعودية، آذربيجان، سلطنة عمان والعراق بصفة مراقب أو ممثّل أمني. وتكتسب مشاركة أعضاء «شنغهاي للتعاون» في ساحة عملياتية داخل الجمهورية الإسلامية، أهميّة بالغة من الناحيتَين السياسية والأمنية؛ فللمرّة الأولى، تستضيف إيران، في إطار المنظّمة، وحدات مكافحة الإرهاب لدول آسيوية، وتشارك معها بشكل مباشر في المعطيات ومحاكاة العمليات الحضرية وتبادل الخبرات في مجالات التوغّل والنفوذ ومكافحة أعمال الشغب، إلى جانب تنفيذ تمارين عملياتية.

كما أنّ مكان تنفيذ المناورة في مدينة شبستر في محافظة آذربايجان الشرقية شمال غربي إيران، يحمل في ذاته دلالة خاصة؛ ذلك أنّ اختيار منطقة قرب حدود كل من آذربيجان وتركيا والعراق، يبعث برسالة بخصوص التهديدات العملانية، وأيضاً إلى اللاعبين الإقليميين: باكو وأربيل وحتى أنقرة. أمّا من الناحية الزمنية، فنُفّذت المناورة على مدى خمسة أيام، وعلى عدّة مراحل. ففي اليوم الأول، أي المرحلة التمهيدية، اشتملت على انتشار القوات وجلسات التنسيق وزيارات تفقّدية قامت بها القيادات العسكرية. أمّا في اليوم الثاني، فبدأ الانخراط الرسمي للوفود العسكرية والقيادية التابعة للدول الأعضاء والمراقبين، فيما نُفّذت «المرحلة الساخنة» في اليومَين الثالث والرابع، وذلك باستخدام الذخيرة الحيّة وتجريب عمليات التوغّل والنفوذ وتحرير الرهائن، وحرب المدن وتطهير المرتفعات وعمليات المُسيّرات، ومواجهة القوات المندسّة وتمرين العمليات الهجينة. ويُخصص اليوم الخامس، أي اليوم، للاستنتاج والتقييم وللاجتماعات المشتركة للقيادات العسكرية للدول المشاركة. ولعلّ هذا الجدول الزمني، لا يُظهر الهيكلية المعيارية للمناورات المعاصرة للمنظمة فحسب، بل أيضاً أنّ إيران استطاعت توفير البنية التحتية اللازمة لإجراء تدريبات حقيقية متعدّدة الجنسيات، وليس مجرّد استعراض قوّة.
وفي الأبعاد العملياتية، اختلفت «سهند 2025»، اختلافاً فارقاً عن المناورات المماثلة التي جرت في السنوات الماضية، إذ جاء استخدام المسيّرات الصغيرة الهجومية فيها، كأحد أبرز خصائصها. ومع تحوّل هذه المسيّرات، في أثناء السنوات الماضية، إلى أداة حاسمة ومصيرية في المعارك غير المتماثلة وغير المتكافئة، أَظهر «الحرس الثوري» قدراته الجديدة في هذا المجال على نطاق واسع. وفضلاً عن ذلك، نفّذت وحدات خاصة من عدّة بلدان في آسيا الوسطى والصين، تمارين مشتركة ضمن عمليات التوغّل الليلي ومواجهة القنّاصين وعمليات تحرير الرهائن وتمشيط البيئات المغلقة.

ومن ناحية القيادة والاتصال، تستضيف المناورة أكثر من 60 من كبار القادة العسكريين، و40 قائداً ميدانيّاً من مختلف البلدان، فيما تشكّلت مجموعات عمل استخبارية مشتركة، هدفها دراسة كيفية التصدّي للمجموعات المتطرّفة التي تنشط في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى وأفغانستان. ونقلت إيران، من جهتها، جانباً من خبراتها في مجال مواجهة المجموعات التكفيرية على مدى السنوات الماضية إلى الدول الأعضاء في المنظّمة. وفي هذا الجانب، اعتبر المساعد السياسي لـ«الحرس الثوري»، العميد يد الله جواني، أنّ المناورة تشير إلى «تحوُّل إيران الجيوسياسي من الغرب إلى الشرق»، في ما يعكس التركيز المتزايد لطهران على بناء شبكات أمنية جديدة محورها روسيا والصين وآسيا الوسطى.

أمّا على الصعيد الجيوسياسي، فانطوت «سهند 2025» على رسائل مهمّة عدة: الأولى، أنّ إيران أظهرت أنّ في مقدورها استضافة مناورات متعدّدة الجنسيات تشارك فيها قوى من مِثل روسيا والصين والهند، من دون أن تربكها العقوبات أو الضغوط السياسية الغربية. والثانية، أنّ «منظمة شنغهاي للتعاون»، آخذة في التحوُّل إلى معسكر أمني ذي أنشطة عملانية حقيقية، يمكنه مع الوقت، أن يحلّ محلّ جزء من الهيكلية الأمنية الغربية. والثالثة، أنّ اختيار مكان المناورة، مع مشاركة مراقبين من دول مثل السعودية وآذربيجان، مؤشّر إلى جهود إيران الرامية إلى تطوير الشبكة الأمنية التي تعمل بما يتجاوز حدودها الكلاسيكية. والرابعة، أنّ إيران، ومع عرضها تكنولوجيا المسيّرات والقدرات العملياتية المشتركة، تكون قد بعثت برسالة ردع مباشرة إلى المجموعات المعارضة واللاعبين المنافسين في المنطقة. كذلك، أظهرت المناورة أنّ طهران، تخطّت مرحلة التعاون الأمني الرمزي، وباتت قادرة على بناء أرضية حقيقية للتنسيق العملياتي بين أعضاء «شنغهاي للتعاون». ونظراً إلى مسار التطوّرات الأمنية، في السنوات الأخيرة، يمكن توقُّع أن تتحوّل «سهند» إلى نقطة انطلاق لسلسلة من التعاون العملياتي بين أعضاء المنظمة، سواء على الأراضي الإيرانية أو في بقية بلدان المنطقة”.

المصدر: الصحف اللبنانية