الأربعاء   
   10 12 2025   
   19 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 14:08

خاص | تشابهار.. نافذة إيران إلى الفضاء… ودهشة الغرب من الصعود التقني الإيراني

تتحول مدينة تشابهار الواقعة على بحر العرب جنوب شرقي إيران، من ميناء تجاري استراتيجي إلى مركز فضائي متكامل، في مشروع يُعدّ من أكثر المشاريع التقنية طموحًا في تاريخ الجمهورية الإسلامية. القاعدة التي أعلنت عنها وكالة “إرنا” (IRNA) ووكالة “تسنيم” أواخر أيلول 2025، تأتي ضمن خطة وطنية لتحويل إيران إلى “قوة إطلاق إقليمية”، قادرة على إيصال أقمار صناعية مدنية وعسكرية إلى المدار المتزامن مع الأرض (GEO).

🔹 إطلاق أول منصة بحرية وطنية

نقلاً عن وكالة فارس للأنباء، أكّد المتحدث باسم وكالة الفضاء الإيرانية أن “قاعدة تشابهار الفضائية ستكون قادرة على إطلاق صواريخ حاملة للأقمار الصناعية من البر والبحر، في أي وقت من السنة”، مشيرًا إلى أن الموقع يتميز بزاوية ميل مناسبة تتيح الوصول إلى مدارات متعددة دون الحاجة لاجتياز أجواء الدول المجاورة.

وأضافت قناة Press TV أن الموقع الجديد سيُستخدم لتجارب محركات الصواريخ العاملة بالوقود السائل والصلب، وأن منشآت الوقود والاتصالات هناك “قادرة على دعم إطلاق مركبات ثقيلة تصل إلى 2 طن حمولة”.

🔹 الرؤية الروسية – الصينية: شراكة استراتيجية لا مفاجأة

من الجانب الروسي، ذكرت صحيفة “إزفستيا” أن موسكو ترى في القاعدة “نقلة نوعية في التعاون الفضائي بين دول محور الشرق”، معتبرة أن تشابهار “قد تُستخدم مستقبلًا كمحطة دعم لوجستي للمشاريع الروسية–الإيرانية في مراقبة الأرض والاستشعار عن بعد”.

في المقابل، علّقت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية أن “ما حققته طهران يثبت قدرتها على تطوير تكنولوجيا الإطلاق الفضائي بقدرات محلية كاملة”، مضيفة أن الصين “ترى في نجاح قاعدة تشابهار خطوة نحو توازن جديد في صناعة الفضاء الدولية التي تحتكرها الولايات المتحدة وحلفاؤها”.

أما موقع روسيا اليوم (RT) فقد نقل عن خبير الفضاء الروسي ألكسندر زاخاروف قوله إن “إيران تجاوزت مرحلة التقليد إلى مرحلة الابتكار، وإن تشابهار تمثل البداية الحقيقية لبرنامج فضائي إقليمي مستقل”.

🔹 الدهشة الغربية: قفزة غير متوقعة في زمن العقوبات

على الضفة المقابلة، أبدت وسائل الإعلام الغربية دهشة واضحة من سرعة التقدم الإيراني. صحيفة “واشنطن بوست” وصفت القاعدة بأنها “مفاجأة استراتيجية تضع إيران ضمن الدول القليلة القادرة على الإطلاق إلى المدار العالي”، في حين ذكرت “بي بي سي” أن المشروع “يؤكد نجاح طهران في تجاوز القيود التقنية التي فرضتها العقوبات الغربية”.

كما أوردت وكالة رويترز تحليلًا لخبير الدفاع الفضائي البريطاني “جاستن برونك” من معهد RUSI، قال فيه إن “البنية التحتية في تشابهار تشير إلى دعم هندسي وصناعي متقدم، وقدرة على دمج التكنولوجيا المدنية والعسكرية في آن واحد”، معتبرًا أن “هذا التطور يفاجئ الغرب، لأنه تحقق دون اعتماد مباشر على أي تكنولوجيا غربية”.
🔹 تشابهار.. من قاعدة صواريخ إلى منصة فضاء

تحليل صادر عن مجلة “ذا ديبلومات” الآسيوية أوضح أن تشابهار تمثل تحولًا في عقيدة إيران الدفاعية، إذ “تُستبدل فكرة الردع الأرضي بفكرة الردع الفضائي”، من خلال مراقبة الأهداف الإقليمية من المدار وإدارة الاتصالات العسكرية المستقلة.

وأضافت المجلة أن الموقع البحري لقاعدة تشابهار يمنح إيران ميزة استراتيجية “مشابهة لتلك التي تمتلكها فلوريدا بالنسبة للولايات المتحدة”، لسهولة الإطلاق باتجاه خط الاستواء.

🔹 خلاصة المشهد

ما بين الاحتفاء الإيراني والترقّب الروسي–الصيني والاندهاش الغربي، يبدو أن تشابهار لم تعد مجرد مدينة ساحلية، بل أصبحت رمزًا لصعود إيران كقوة فضائية ناشئة في عالمٍ يتّجه نحو عسكرة الفضاء والتكنولوجيا السيادية.

وبحسب تقرير ختامي لصحيفة “الجارديان” البريطانية بتاريخ 3 تشرين الأول 2025:

“إذا استمر البرنامج الفضائي الإيراني بهذه الوتيرة، فقد تُصبح تشابهار بحلول نهاية العقد مركز إطلاق إقليمي يغير موازين القوى التقنية في الشرق الأوسط.”

المصدر: موقع المنار