دعا وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو، اليوم الأربعاء، أوروبا إلى تسريع خطواتها نحو تحقيق “الاستقلال الإستراتيجي”، معتبراً أن إستراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة، التي نُشرت الجمعة الماضي، تمثل تحولاً واضحاً في أولويات واشنطن وتعطي الأفضلية لشؤون الأميركتين، في وقت تتحدث فيه عن “تراجع” أوروبا و”محو حضاري” محتمل للقارة.
وقال بارو، في مداخلة أمام الجمعية الوطنية، إن الوثيقة الأميركية تمثل “لحظة توضيح وحقيقة” تفرض على أوروبا الثبات على مسارها وتسريع خطواتها، مضيفاً أنها “تثبت أن فرنسا كانت محقّة” منذ عام 2017 عندما دعت إلى استقلالية إستراتيجية أوروبية، ولا سيما في مجالي الدفاع والطاقة.
وأشار الوزير الفرنسي إلى أن الإستراتيجية الأميركية تتوقع ما سمّته “المحو الحضاري” لأوروبا، وتدعو إلى مكافحة “الهجرات الجماعية”، معتبراً أن هذا الخطاب يطرح تحديات جوهرية على الأوروبيين في ما يخص هويتهم وأمنهم ودورهم العالمي.
وشدد على أن شعوب أوروبا “ترفض الاستسلام في حروب الغزو أو الحروب التجارية”، في إشارة إلى الخطة الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، التي ترى عواصم أوروبية أنها تميل لصالح المطالب الروسية، وإلى سياسات رفع الرسوم الجمركية الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وأضاف بارو أن “شعوب أوروبا ترفض أن تصبح قارة تابعة وهرِمة”، وتريد أن تكون القارة “قوة ديمقراطية لا يسمح أحد لنفسه بأن يقرر عنها”، معتبراً أن الإستراتيجية الأميركية الجديدة تدفع الأوروبيين إلى تحمّل مزيد من المسؤولية عن أمنهم ودفاعهم.
وأثار نشر هذه الوثيقة موجة انتقادات في العواصم الأوروبية، إذ وصف المستشار الألماني فريدريش ميرتس أجزاءً منها بأنها “غير مقبولة” من منظور أوروبي، خصوصاً ما يتعلق بتوصيف مستقبل القارة وعلاقتها بالولايات المتحدة.
وفي موقف فرنسي آخر، صرّحت وزيرة الدولة في وزارة الجيوش أليس روفو، أمس الثلاثاء، أن أوروبا يجب أن تسرّع عملية إعادة التسلح لمواجهة “التحول الصارخ” في العقيدة العسكرية الأميركية.
ووصفت روفو الإستراتيجية الجديدة بأنها “تفسير بالغ القسوة” للأيديولوجية الأميركية، مشيرة إلى أنها أحدثت “صدمة” في أوروبا بعد حديثها عن “محو حضاري” محتمل للقارة والدعوة إلى إعادة صياغة العلاقة عبر تقليص الاعتماد الدفاعي على واشنطن.
وأكدت روفو أن أوروبا “لن تحظى بالاحترام إلا إذا عرفت كيف تفرضه”، مضيفة أن العالم اليوم يشبه “عالماً من آكلي اللحوم”، بما يستدعي تقوية القدرات الدفاعية الأوروبية سواء ضمن أطر الاتحاد الأوروبي أو عبر تحالفات بين الدول الراغبة.
وأوضحت الوزيرة، التي التقت مسؤولين في البنتاغون ومسؤولين أمنيين أميركيين خلال زيارة إلى واشنطن نهاية الأسبوع الماضي، أن الوثيقة أثارت نقاشات داخل الإدارة الأميركية، خصوصاً في ما يتعلق بطريقة توصيف روسيا ودور أوروبا المستقبلي في المنظومة الأطلسية.
المصدر: أ.ف.ب.
