رحّب الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان ترحيباً أولياً مشروطاً بإصدار مرسوم تعيين أعضاء مجالس العمل التحكيمية، بعد سنوات طويلة من التعطيل المتعمّد الذي شكّل جريمة اجتماعية موصوفة بحق العمال والمستخدمين، كما رحّب بإضافة محافظتي بعلبك–الهرمل وعكّار إلى هذه المجالس، وهو مطلب محقّ ومزمن طالما ناضلت من أجله الحركة النقابية وفي الطليعة الاتحاد الوطني للنقابات، مشيرا الى اننا كنا نتمنى ان يكون تعميم الجالس على الأقضية في المحافظات . وتقدم الاتحاد الوطني بتهاني الى ممثلي العمال في هذه المجالس .
اضاف: إلّا أنّ هذا الترحيب يسقط عملياً أمام حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أنّ المرسوم الصادر جاء منقوصاً ومخالفاً لأحكام قانون العمل، ويشكّل عملية تضليل وذرّاً فاضحاً للرماد في العيون، إذ تمّ إصدار تعيينات مبتورة من دون استكمال الإطار القانوني الملزم لعمل مجالس العمل التحكيمية. فإنّ قانون العمل اللبناني الصادر بتاريخ 23/9/1946، ولا سيّما المواد 50 وما يليها، نصّ بوضوح على:
• إنشاء مجالس العمل التحكيمية،
• وتشكيلها من قاضٍ رئيساً، وممثلين عن الأجراء وأصحاب العمل،
• ووجود مفوّض للحكومة،
• وتأمين كل المستلزمات الإدارية والمالية، بما فيها بدل الحضور، بما يضمن حسن سير العدالة واستمرارية العمل القضائي.
واشار الى أن تعطيل مجالس العمل التحكيمية يمثّل مخالفة للدستور اللبناني الذي يكرّس الحق في التقاضي، وخرقاً فاضحاً لالتزامات لبنان بالاتفاقات الدولية والعربية ، لا سيما:
• الاتفاقية 29 حول العمل الجبري والمصدق عليها لبنان عام 1977 وخاصة ان لبنان حاليا” تحت المراجعة والمساءلة وهناك بعثة من منظمة العمل الدولية تعمل على هذا الموضوع
• اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم.
• اتفاقية رقم 98 بشأن الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية.
• اتفاقية رقم 158 حول إنهاء الاستخدام، التي تفرض وجود آلية قضائية فعالة لمراجعة حالات الصرف التعسفي.
• اتفاقية 102 حول الحد الأدنى للضمانات الاجتماعية.
وعليه، فإنّ عدم إصدار مرسوم تعيين مفوّضي الحكومة، وعدم إصدار مرسوم تحديد بدل الحضور، يشكّل مخالفة صريحة للنصوص القانونية ويؤدّي إلى شلل كامل في عمل هذه المجالس، ما يجعلها غير مكتملة وغير صالحة للانعقاد أو إصدار الأحكام، ويُسقط أي ادّعاء حكومي بالحرص على تفعيل العدالة العمالية.
وقال البيان إنّ هذا النقص ليس تفصيلاً إدارياً، بل هو تعطيل مقصود وممنهج تتحمّل مسؤوليته الحكومة مجتمعة، والوزارات والإدارات المعنية مباشرة بهذا الملف، وهو يؤكّد استمرار النهج القائم على دفن حقوق العمال وتأجيل البتّ بآلاف القضايا العالقة.
ويُضاف إلى ذلك تقاعس الحكومة المتعمّد عن معالجة مسألة إعادة التوازن لقيمة التعويضات، سواء تعويضات الصرف من الخدمة أو التعويضات العائدة لمؤسسة الضمان الاجتماعي او التعويض عن حوادث العمل والسلامة المهنية وغيرها ، رغم الانهيار النقدي غير المسبوق، ما أفقد هذه التعويضات قيمتها الفعلية، وعمّق الظلم اللاحق بالعمال، في ظل تكدّس آلاف الشكاوى والدعاوى العمالية منذ سنوات من دون أي حسم.
(ومثالا على ذلك احد العمال تقدم بشكوى قبل عام 2019 والمبلغ المطالب فيه 30.000.000 ثلاثون مليون ليرة على سعر الصرف 1,500(الف وخمسمائة ليرة للدولار الواحد) أي ما يعادل (20.000 دولار) عشرون الف دولار في حينها. اليوم، ومع انهيار الليرة وارتفاع سعر الصرف مقابل الدولار أصبحت قيمة المبلغ المذكور يساوي (300 دولار – ثلاثمائة دولار تقريباً فقط.) هل هذا هو العدل؟ وللعلم، ، فإن الدعوى المذكورة لم يبت بها لغاية اللحظة.
وأدان الاتحاد بأشدّ العبارات استبعاد النقابات والاتحادات العمالية المستقلة من أي مشاركة أو تشاور في هذا الملف، في انتهاك صارخ لمبدأ الشراكة الاجتماعية، والحوار الاجتماعي ولمن درجات قانون العمل اللبناني، ومواثيق واتفاقيات منظمة العمل الدولية والعربية التي التزم بها لبنان، ولا سيّما تلك المتعلّقة بالحرية النقابية والتمثيل الحقيقي للعمال.
واعلن الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان :
• أنّه يرفض أي مراسيم منقوصة أو حلول شكلية،
• وأنّه يحمّل الحكومة كامل المسؤولية القانونية والاجتماعية عن تعطيل مجالس العمل التحكيمية،
• وأنّه لن يقبل باستمرار سحق حقوق العمال تحت ذرائع إدارية ومالية واهية.
وحذّر الاتحاد من أنّ استمرار هذا النهج سيؤدّي حتماً إلى تصعيد نقابي وتنظيمي وشعبي، دفاعاً عن العدالة العمالية، وعن حقوق العمال والمستخدمين، ورفضاً لتحويل القوانين إلى أدوات حماية لأصحاب النفوذ على حساب الفئات العاملة.
المصدر: موقع المنار
