الجمعة   
   04 07 2025   
   8 محرم 1447   
   بيروت 16:10

هل استغل يزيد مقتل الحسين ليعلن كفره؟


حيدر كرنيب

ما زالت لعائن التاريخ تلاحق يزيد بن معاوية، منذ أن تسبّب بتلك الجريمة العظيمة، المتمثّلة بقتل الإمام الحسين وأهله وأصحابه في كربلاء… أوامر يزيد بقتل الإمام الحسين، جاءت بحجة أن الحسين قد خرج على الخليفة، ومن يخرج على الخليفة فهو مستحقّ للقتل بحسب منطق يزيد بن معاوية. ولكن هل كان يزيد يؤمن بالله أساسًا حتى يقتل الخارجين عن دين الله على حدّ زعمه؟

كان عدد من الذين عايشوا رسول الله، لا يزالون أحياء في فترة خلافة يزيد، كجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي سعيد الخدري وقيس بن سعد الساعدي¹، وكلهم كانوا من الذين سمع رسول الله يقول: حسين مني وأنا من حسين ،أحب الله من أحب حسينا². بالإضافة إلى قوله الشهير: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة³، وهما إمامان قاما أو قعدا⁴…

وإن دلّت هذه الأحاديث على شيء فهي تدل على المنزلة العظيمة ،التي خصّ فيها الله الإمام الحسين عليه السلام، ولكن يزيد لم يعبأ بهذه الكرامات ولم يعرها أي اهتمام. فإن كان يزيد مؤمنًا بالله وبرسوله، كيف تجرّأ على قتال سيد شباب أهل الجنة، وصاحب هذه المناقب الرفيعة ؟؟

وبعد أن دخل موكب السبايا إلى مجلس يزيد بن معاوية، قام هذا الأخير بإنشاد أبيات، تحمل إشارات ومعاني خطيرة، حيث قال:

” ليت أشياخي في بدر شهدوا
جزع الخزرج من وقع الأسل
قتلنا القرن من ساداتهم
وعدلناه ببدر فاعتدل⁵.

لقد كان ما يرمي إليه يزيد واضحًا في هذه الكلمات، حيث كان يتمنّى بأن يكون أجداده الذين قتلوا في بدر، على قيد الحياة، ليروا ما حلّ في كربلاء. أما في البيت الثاني، فهو يعتبر أن ثأر بدر قد تم الأخذ به في كربلاء!!

ولكن، ألم يكن هؤلاء الأشياخ الذين قتلوا في بدر، مشركين وكافرين بما نزل على رسول الله من الوحي والقرآن؟ ألم يقتل شيبة بن ربيعة على يد الحمزة بن عبد المطلب، والوليد بن عتبة بن ربيعة على يد الإمام علي⁶ ؟؟؟

إذا كان يزيد يعتبر ما جرى في كربلاء، انتقامًا لأشياخه الكافرين الذين قتلوا في حربهم ضد الإسلام، فماذا إن كان هذا الانتقام من سيد شباب أهل الجنة. أوليست هذه الأبيات دليلًا على أن يزيد لا يعبأ بهذه المنازل ولا يعرها أي اهتمام؟

بعد ذلك أنشد يزيد بيتًا آخر حيث قال:
” لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل”⁷.

ليس هنالك ما يترك مجالًا للشك، حول عدم إيمان يزيد بنبوة رسول الله، بعد أن أنكر علًنا مسألة الوحي والنبوة، في هذا البيت الشعري. فهل يترك ذلك مجالًا للشك بكفر يزيد بن معاوية ، بالله تعالى؟

ومن يخفى عليه ما قام به جيش يزيد بن معاوية في واقعة الحرة عام ٦٣ للهجرة، حيث قام بمهاجمة مكة المكرمة، وقصف الكعبة بالمنجانيق⁸. الكعبة، قبلة المؤمنين، وبيت ابراهيم، والمكان الذي فرض الله تعالى على عباده أن يحجوا إليه في كتابه الكريم… كل ذلك لم يشكل رادعًا ليزيد بن معاوية…

ختامًا، لطالما قيل بأن الإسلام مختلف عن الإيمان، ولكن صنائع يزيد، تؤكد لنا بأن لا علاقة له بهذا أو ذاك.

الهوامش:
١) مقتل أبو مخنف ـ ص 197
٢)مسند الامام احمد-الجزء الرابع -ص 173
٣)سنن النسائي -رقم الحديث:8472/ سنن الترمذي -رقم الحديث: 3768
٤)علل الشرائع – الجزء الاول ـ ص 208
٥) الفتوح-الجزء الخامس -ص :129
٦) سيرة ابن هشام -الجزء الثاني -ص: 456
٧) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الثاني -ص:66
٨)تاريخ مدينة دمشق -ترجمة حسين- ص:440

المصدر: موقع المنار