أسباب وأبعاد الصراع بين أذربيجان وارمينيا في اقليم قره باغ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

أسباب وأبعاد الصراع بين أذربيجان وارمينيا في اقليم قره باغ

1501907
احمد الحاج علي

يشهد مسرح القوقاز وآسيا الوسطى توتراً مطرداً جذب إليه بعض وميض أضواء الحرب الاوكرانية المستعرة. ويرى مراقبون أن واشنطن بعد الفشل الغربي في أوكرانيا قد تسعى لإشعال فتيل جبهات القوقاز ضد روسيا وإيران… ذلك، فضلاً عن الموارد الطبيعية من نفط وغاز ويورانيوم وذهب وغير ذلك في منطقة تقع عند تقاطع الطرق من روسيا عبر إيران إلى المحيط الهندي ومن محطاتها الإجبارية: أرمينيا، أذربيجان وجورجيا.

من الواضح أن إيران، برغم حرصها على علاقاتها بأرمينيا، فإنها لم تقف عسكرياً ولن تقف مع يريفان ضد أذربيجان كما يحلم البعض، إذ إن إيران حريصة أيضًا على علاقاتها بالشعب الأذري. والمشكلة تكمن في تغلغل نفوذ واشنطن والغرب المتصاعد في أرمينيا بعد أذربيجان. والموقف الروسي وكذلك الإيراني هو ضد التورط في جبهات القوقاز.

بالطبع، إن زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى إيران ستتناول قضايا القوقاز والتوتر الأذري-الأرمني بجميع أبعاده. غير أن مجالات التعاون التقني والعسكري بين طهران وموسكو واسعة، وليس آخرها طائرات “سوخوي-٣٥”، التي لم تصل إلى إيران بعد.

في غضون ذلك، بدأت أذربيجان تحت عنوان “مكافحة الارهاب”، قصفًا عنيفاً لناغورني قره باغ على طول خط المواجهة.

جدير بالذكر أن نيكول باشينيان بعد وصوله إلى السلطة، بدأت أرمينيا تبدي، وخاصة في الفترة الأخيرة، علامات تمرد على خصوصية علاقاتها المميزة مع روسيا على حساب نسج خيوط التقارب مع الولايات المتحدة. في ظل هذه التناقضات، حلت فرصة أذربيجان الذهبية للقيام بعمليتها ضد قره باغ برغم المخاطرة باحتمال مشاركة روسيا في الصراع.

إن أحد أهداف أذربيجان الميدانية هو تحقيق خرق جغرافي يوصلها بجيب ناخيتشيفان الأذربيجاني عبر أراضي أرمينيا، بيد أن هذا الأمر غير مقبول جيو-استراتيجياً بالنسبة لإيران، ويحرج روسيا الملتزمة بحماية الاستقرار الإقليمي وضمان سيادة أرمينيا.  لذلك، من المستبعد أن تذهب أذربيجان بعيداً إلى هذا الحد في تصعيدها الأخير، بل من المرجح أن تعزز سيطرتها على إقليم ناغورني قره باغ، الذي يُعَدُّ قانونياً أراضي أذربيجانية.

هذا التصعيد تراه واشنطن فرصة للعب في الفضاءين الروسي والإيراني. لذا “ستواصل الولايات المتحدة مناوراتها المشتركة مع أرمينيا على الرغم من تصرفات أذربيجان في قره باغ” بحسب البنتاغون، الذي أضاف ممثله لوسائل الإعلام أن بلاده لا ترى خطراً على عسكرييها في أرمينيا من جراء اشتباكات قره باغ. أما في حال انتصار أذربيجان، فإن حكومة باشينيان المراهن على واشنطن والمستنجد بها، ستسقط.

وفي اتصاله مع بلينكن، تمنى باشينيان، الذي يتعرض لمحاولات لعزله، على واشنطن أن تردع أذربيجان.

فهل هدف الولايات المتحدة الأول والأهم زج روسيا وإيران بأي ثمن في صراع القوقاز ولو بثمن التخلص من حليف أرميني واعد؟ ما يرغم موسكو على توزيع قواتها وسحب بعض منها من أوكرانيا إلى القوقاز؟

بيد أن هذه الأهداف يبدو أنها تحمل بعدها غير المباشر، أقله حالياً لدى إدارة بايدن، التي من دون شك، ترغب كذلك في إثارة تضارب مصالح إيراني-تركي في اتجاه أذربيجان-أرمينيا.

فمن ناحية يسيل اللعاب الأميركي لتوفر فرصة فتح جبهة جديدة بمشاركة روسيا وتوريط إيران. من ناحية أخرى، فإن مصير رئيس وزراء أرميني طيع بيدها على المحك في حال انتصار أذربيجان.

 إذ إن ابتعاده عن موسكو وارتماءه في حضن واشنطن بحجة توفير الحماية لبلاده لم ينقذه وحكومته. وحتى لو توفرت الرغبة والإرادة الأميركية في دعم يريفان عسكرياً، فإن الأمر دونه عوائق جغرافية، ولا بد من استخدام ممر العبور البري لوحيد عبر جورجيا، في حين أن تبليسي، التي جاست خلال ديارها الدبابات الروسية ذات مرة في ٢٠٠٨، تحاول التزام الحياد.

المصدر: مركز اتجاهات