في ظلّ تحذيرات متصاعدة من آثار الرسوم الجمركية التي يصرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على فرضها، تزايد الغموض الخميس بشأن تداعيات هذه السياسات، رغم إعلان إحراز “تقدّم” في المحادثات التجارية مع اليابان، ما انعكس تحسّنًا طفيفًا في أداء الأسواق.

ويأمل ترامب أن تُفضي سياساته إلى سلسلة من الصفقات التجارية التي تصبّ في مصلحة الولايات المتحدة، وتُخفّف من الحواجز المفروضة على المنتجات الأميركية، وتُعيد جزءًا من التصنيع العالمي إلى الداخل الأميركي.

لكن تلك المفاوضات، بما فيها مع اليابان، تجري في ظلّ مواجهة متصاعدة مع الصين، وشكوك بشأن تداعياتها المحتملة على الاستقرار التجاري والاقتصادي العالمي.

وحذّر رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، جيروم باول، من أن “الرسوم الجمركية ستؤدي بلا شك إلى ارتفاع مؤقت في التضخم، مع احتمال استمرار الآثار التضخمية”، مشيرًا كذلك إلى “تقلبات” الأسواق المالية وسط حالة من انعدام اليقين.

وكانت وول ستريت قد شهدت تراجعًا الأربعاء، وتراجعت أسهم شركة “إنفيديا” بأكثر من 10% مؤقتًا، على خلفية تكاليف قيود تصدير جديدة فرضتها واشنطن على شحنات أشباه الموصلات إلى الصين.

ورغم ذلك، شهدت الأسواق الآسيوية أداء إيجابيًا الخميس؛ إذ ارتفع مؤشر نيكاي الياباني بنحو 1%، ومؤشر هانغ سنغ بنسبة 1.25%.

وأكد رئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، موقف باول، مشيرًا إلى أن “القلق والتقلبات يُسهمان بوضوح في خلق بيئة اقتصادية وتجارية أكثر حذرًا”.

أما المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، فحذّرت من أن “حالة عدم اليقين المستمرة تُهدد بتباطؤ النمو العالمي، مع آثار سلبية جسيمة على الاقتصادات الأضعف”.

حرب الرسوم.. تصعيد متبادل بين واشنطن وبكين

فرضت الولايات المتحدة تعرفة أساسية بنسبة 10% على معظم الدول، في حين رفعت الرسوم على الصين إلى حدود 145% على عدد كبير من السلع. وردّت بكين برسوم مضادة وصلت إلى 125%.

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، لين جيان، الأربعاء: “إذا كانت الولايات المتحدة جادة في رغبتها بحلّ الخلاف من خلال الحوار، فعليها التوقف عن الضغوط والتهديدات، واعتماد الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة كأساس للتفاوض”.

وسجّلت الصين نموًا بنسبة 5.4% في الربع الأول من العام، متجاوزة التوقعات، بفضل تسريع المصدرين وتيرة الشحن قبل دخول الرسوم الأميركية حيّز التنفيذ. لكن، وفقًا لهيرون ليم من “موديز أناليتيكس”، فإن التأثير الحقيقي للرسوم سيظهر في الربع الثاني، حين تبدأ في “عرقلة الصادرات الصينية وكبح الاستثمار”.

المحادثات مع اليابان.. إشارات إيجابية لكن بلا نتائج حاسمة

كتب ترامب على منصته “تروث سوشال”: “كان شرفًا لي أن ألتقي الوفد الياباني المعني بالتجارة. تقدّم كبير!”. لكن المحادثات بين المبعوث الياباني ريوسي أكازاوا ووزير الخزانة سكوت بيسنت وممثل التجارة جيميسون غرير لم تُثمر عن اتفاق فوري.

وقال رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، في طوكيو: “ندرك أن المحادثات المقبلة لن تكون سهلة، لكن الرئيس ترامب أعرب عن رغبته في إعطاء هذه المفاوضات الأولوية القصوى. هذه الجولة أرست الأسس للخطوات التالية، وهذا أمر نُقدّره، رغم بقاء فجوة واضحة بيننا”.

وتُعدّ اليابان من أكبر المستثمرين في الاقتصاد الأميركي، وشريكًا استراتيجيًا حيويًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إلا أنها تخضع للتعرفة الأميركية البالغة 10%، إلى جانب رسوم مرتفعة على السيارات والصلب والألمنيوم.

وأفادت تقارير بأن واشنطن تسعى إلى دفع اليابان لزيادة وارداتها من السلع والمعدات الدفاعية الأميركية، فضلاً عن التعاون في دعم الين أمام الدولار.

ورغم الدعم الجمهوري النسبي لسياسات ترامب، إلا أن هذه الإجراءات تواجه مخاطر سياسية داخلية متزايدة. إذ أعلن حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، عزمه رفع دعوى قضائية ضد صلاحيات ترامب في فرض الرسوم الجمركية بشكل أحادي، متهمًا إدارته بالتسبب بـ”فوضى اقتصادية وارتفاع في الأسعار أضرّ بالأسر والشركات”.

المصدر: أ ف ب