مؤتمر “التأصيل الثقافي للعلوم الإنسانية: رؤى وتجارب” – جامعة المعارف – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

مؤتمر “التأصيل الثقافي للعلوم الإنسانية: رؤى وتجارب” – جامعة المعارف

IMG-20181123-WA0036

انطلقت، يوم الثلاثاء 20 تشرين الثاني 2018، أعمال المؤتمر الدوليّ “التأصيل الثقافي للعلوم الإنسانية: رؤى وتجارب”، بحضور حشود غفيرة يتقدمها معالي وزير الدفاع الوطني اللبناني، عضو مجلس أمناء جامعة المعارف، المهندس يعقوب الصراف، ممثل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل السفير وسام كلاكش، عدد من النواب الحاليين والسابقين، السفير الإسباني خوسيه دو لابينا، ممثل سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان محمد جلال فيروزينا، الملحق الثقافي محمد شريعتمدار، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الخوري سليم مخلوف، ممثل رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد أيوب العميد أحمد رباح، عدد من ممثلي الجامعات الخاصة، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، بالإضافة إلى عددٍ كبير من الشخصيات الدينية الإسلامية والمسيحية من العالمين العربيّ والإسلامي، وحشد من الشخصيات الرسمية والدبلوماسية والأمنية والاجتماعيّة والباحثين العرب والأجانب. المؤتمر الذي نظمته “جامعة المعارف” استمر على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء 20 و21 تشرين الثاني 2018، في قرية الساحة التراثية بالعاصمة اللبنانية بيروت.

I.    أعمال اليوم الأول: بيروت – 20 تشرين الثاني 2018

انتهت، يوم الثلاثاء 20 تشرين الثاني 2018، أعمال اليوم الأول للمؤتمر الدوليّ لـ”التأصيل الثقافي للعلوم الإنسانية: رؤى وتجارب”، الذي نظّمته جامعة المعارف، وقد عُقدت فيه ثلاث جلسات، في “قرية الساحة التراثية” بالعاصمة اللبنانية بيروت.
تمحورت الجلسة الأولى حول نشأة العلوم الإنسانية الغربية، وأسباب هيمنتها، وقد ترأس الجلسة رئيس جامعة حلب الدكتور مصطفى أفيوني. وفي هذه الجلسة، تناول الدكتور حميد رضا پارسانيا، رئيس اللجنة الحوزوية للمجلس الأعلى للثورة الثقافية، من الجمهورية الإسلامية الإيرانية “الأبعاد الفكرية والفلسفية والاجتماعية لمنهجية العلوم الإنسانية الغربية”، مشيراً إلى أثر التطوّر التاريخي لمفاهيم العقل والفلسفة والعلم على العلوم الاجتماعية. واعتبر الدكتور پارسانيا أن “العقل في فكر ديكارت خسر هويته المتعالية مع محافظته على خصيصة التنوير، وفي فكر كانط اتّخذ العقل هويته الذاتية وفي مقاربات ما بعد الكانطية أصبح العقل أمرا بنائيا وعلمانيا وتواصلياً”، موكداً أن “المعاني التي أعطاها كانط للفلسفة قد تغيّرت على مدى العقود المختلفة من القرن العشرين، وقد اقترنت هذه التغييرات بتغيير هوية العلم، بما في ذلك هوية العلوم الإجتماعية”.
في المداخلة الثانية تناول الدكتور سيف دعنا، عميد كلية العلوم الإجتماعية في جامعة ويسكنسن في الولايات المتحدة الأميركية، إشكالية تحول العلوم الإنسانية الغربية إلى علوم مهيمنة عالميّاً. واستند دعنا في مداخلته على كتابي إدوارد سعيد “الاستشراق” و”الثقافة والإمبريالية”، خصوصاً الكتاب الأخير ذلك أن “سعيد قدم إطاراً لفهم ما سماه “نمط الثقافة الإمبريالية” التي تجعل من تخيل الآخر كما يتم تخيله ممكناً (المسلم كإرهابي مثلا، كما يتخيله الغربي، أو العالم الإسلامي كمكان يفترض ويتطلب التدخل فيه لغياب آليات التحول الداخلي)”. هذا يعني، بحسب دعنا، أنه “يمكن للباحثين والأكاديميين استبيان أو استكشاف رؤية إمبريالية (وأورو – مركزية) في الأعمال البحثية والمجادلات الأكاديمية، والثقافية عامة، ويمكن لأي باحث، بالتالي، أن يرى أيضا الدور الذي تلعبه هذه الأعمال في تحويل الرؤية الإمبريالية لحقيقة وواقع. لهذا بالضبط سعى سعيد منذ البداية، في الاستشراق، إلى العمل بشكل محدد وحتى مباشر، لفهم وتفكيك المصطلحات، والمؤسسات، والتمثيلات والنماذج التي تعمل من خلالها القوة الإمبراطورية”.
ورأى دعنا أن فهم الهيمنة والسياسات الإمبريالية يبقى “قاصرا بمعزل عن إدراك النمط الثقافي الإمبريالي والدور الذي تلعبه العلوم الاجتماعية والإنسانية. ولذلك، فإن إدراك هيمنة العلوم الإنسانية والاجتماعية الغربية يظل أيضا قاصرا بمعزل عن فهم العلاقة الجدلية للمعرفة والقوة”.

اما دور الجامعات في نقل هيمنة العلوم الإنسانية الغربية واستمرارها، فقد تناوله الدكتور شاندراكانت راجو، الأستاذ المحاضر في عدد من الجامعات الهندية، إذ وُصف التعليم الغربي خلال فترة الاستعمار بأنه “متفوق وبالتالي تم التسويق له على هذا الأساس؛ لأنه كان السبيل الموصل إلى العلم والتكنولوجيا المتفوّقين والسائدين في الغرب. وكان إغراء الشعوب المستعمَرة بالوظائف الحكومية مقابلاً لزمن التلقين الطويل، إذ أُخضعت الشعوب المستعمّرة للسلطة الغربية، وبقي التعليم في جميع المستعمرات السابقة متماهياً مع الوظيفة أكثر من أي عملية تعلم: هكذا هيمن التعلّم الاستظهاري كما أُريد له”.
وشرح الباحث راجو “كيف انكشف زيف الادعاءين: التاريخي والفلسفي معاً خلال العقدين الماضيين. لسوء الحظ، حتى في مسألة التحرر من الاستعمار، فإن معظم الناس لا يقرأون إلا ما يكتبه الغرب، ويتّبعونه ويثقون به ثقة عمياء، ويرفضون، من دون تمييز، كل ما يكتب خارج الغرب”. كما عرج راجو في ورقته على “الجامعات التي تحرّرت فعلاً من الاستعمار ومن المناهج التعليمية التي تمّ تدريسها في العقد الماضي،خصوصاً في الهند وماليزيا وإيران”.

أما الجلسة الثانية، التي عالجت “أزمة العلوم الإنسانية الغربية”، فقد ترأّسها الأستاذ عبد الله قصير، المدير العام لمركز الأبحاث والدراسات التربوية، من لبنان. المداخلة الأولى طرحت إشكالية “العلوم الإنسانية في خدمة مَنْ: علوم من أجلِ الإنسان أو من أجلِ السيطرة”، وقد تناول فيها الدكتور عبد الحليم فضل الله، رئيس المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق، من لبنان، “علاقة العلوم الإنسانية بالمجتمع والسلطة، فعلى الرغم من الإنجازات الهائلة التي قدمتها هذه العلوم للبشرية، لا تبدو اليوم قادرة على الرد عن الأسئلة كلها التي يواجهها الإنسان المعاصر، وتبدو في أحيان كثيرة جزءاً من أجهزة السيطرة والهيمنة”. كما عرض الباحث فضل الله “تجارب عدة للتفاعل الإيجابي والسلبي بين علوم الإنسان والوقائع السياسية والاقتصادية، وكيف استغلت النظريات والنماذج الإرشادية في الهيمنة والتغيير السلطوي ومحاولات الهندسة الاجتماعية، بذريعة العقلانية تارة والحداثة تارة أخرى”.
وخلص فضل الله “إلى أن النزعتين الفردانية والجماعية أخفقتا في جعل علوم الإنسان مدخلاً للعدالة والسعادة والحرية والرخاء، وفشلتا أيضاً في إثبات الاستقلال الفكري والحياد المنهجي تجاه قوى السلطة والسيطرة المتصارعة في خضم علاقات القوة. وهذا يؤكد الحاجة إلى ثورة معرفية لتخطي الاختلالات المذكورة، حتى تؤكد علوم الإنسان قدرتها على التفسير والتأويل من ناحية وعلى تجديد القيم وتطويرها بوصفها مدخلًا للتغيير من ناحية ثانية، هذا انطلاقاً من أنّ التغيير والنهوض المطلوبين يجب أن يكونا من خلال البشر، فالإنسان هو أقوى من القوانين الاجتماعية والحتميات التاريخية والمعادلات الرياضية، ومصدر مشروعيتها وقوتها واستمرارها”.

بدوره، تناول الباحث والصحافي الهندي، الدكتور كلود الڤاريس، النظام المعرفي الأكاديمي الحديث في “منطقتنا خلال مرحلة السيطرة الاستعمارية”. ورأى “الڤاريس أن موضوع العلوم الإنسانية من أوضح الأمثلة على هذه “الشمولية الزائفة، إذ انحصرت مصادرها وإلهاماتها بالميثولوجيا اليونانية والرومانية تقريباً، وبقي جل اهتماماتها مرتبطاً بالهواجس الفكرية والثقافية التي كانت مألوفة لدى الأوروبيين. وإذا جزمنا بأن الشوائب الموجودة أساساً في مجال الإنسانيات كامنة في المصادر والمنشأ والغايات، فقد يكون أوان التخلّي عن هذا الحقل قد آن، تماماً كما بات من الضروري التخلي عن علم الأنثروبولوجيا بسبب الخدمات التي يسديها للمستعمرين”.
أما الباحث وأستاذ الفقه والأصول في حوزة قم المقدسة بإيران، الدكتور أحمد حسين شريفي، فأشار إلى مفهوم “العلوم الإنسانية الشائعة، التي يعتريها جوانب ضعف مهمة، مما يجيز لنا أن نعتبرها ونطلق عليها علوماً إنسانية فاقدة للروح، وناقصة وغير إنسانية”، معتبراً أنه “من أجل التمتع بمجتمع معافى وسليم، وتشكيل حضارة سليمة، وبناء الإنسان وتكامله، لا مناص من بث روح الحقيقة والإنسانية في العلوم الإنسانية”.

المحور الأخير لليوم الأول من المؤتمر، تناول نقد العلوم الإنسانية الغربية، وترأسه الدكتور محمد سعيد مهدوي كني، الرئيس السابق لجامعة الإمام الصادق (عليه السلام). واستهل الحديث في هذا المحور مدير مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، الشيخ محمد حسن زراقط، الذي عالج اشكالية “نقد النزعة العلموية في الغرب”، مشيراً إلى أنه “لا يبدو أنّ الدقة العلمية واحترام المعايير والقواعد المنهجية في البحث العلمي هي قضية تحتاج إلى تبرير؛ بل هي من المبادئ الأولية التي لا يحسن النقاش فيها فضلاً عن الدعوة إلى التخفّف من أعبائها”.
واعتبر الشيخ زراقط أن “نقّاد العلم التجريبي المعاصر في الغرب انتهوا إلى ما يسمّونه العلموية، وينظر إلى هذه الظاهرة على أنّها خلل منهجيٌّ ابتلي به الفكر الغربي في بعض قطاعاته؛ إذ أُريد تحكيم منهجية من منهجيّات البحث العلمي في سائر الميادين، وأوضح وجوه الخلل هو اعتماد المنهج التجريبيّ في ساحة العلوم الإنسانية كما هي الحال في مجال الفيزياء أو الكيمياء وغيرهما”.

في المداخلة الثانية، التي حملت عنوان “العلوم الإنسانيّة الغربيّة بين التحيز والموضوعيّة”. تناول الباحث والكاتب العراقي الدكتور عامر عبد زيد الوائلي، العلوم الإنسانيّة بوصفها نسقاً يستمد معناه من أجزائه، ذلك أن المناهج في العلوم الاجتماعية لها سياقات محددة وخاصة لأنها متعلقة بالإنسان وحياته الاجتماعية.
أما الدكتور رمضان برهومي، من جامعة الزيتونة في تونس، فرأى أنه “من المفترض في بداهة الحقائق أنّ السّؤال في نظريّة المعرفة وصيرورتها يقترن على وجه الضّرورة بالنّظر والتّدبّر في تنوّع العلوم وتصنيفها على اعتبار الموضوعات من جهة تعاليها أو واقعيّتها ومناهجها بالتّحقّق في مدى صوريّتها أو مادّيّتها وهو ما لا ينفي إلى مرحلة تقدير النّتائج والحقائق بتقدير درجة يقينيّتها”.
وأضاف الدكتور برهومي: “هذا ما يؤكّد الحاجة الملحّة إلى تحديد زاوية السّؤال المعرفيّ لتحقيق الانتصارات العلميّة التي تتوازى فيها المقدّمات مع النّتائج وحتّى يتحقّق الانسجام والتكامل بين مشروعيّة السّؤال في علاقته بمقتضياته الذّهنيّة والحضاريّة من ناحية وحدود فاعليّة الحقائق المحمولة على علم من العلوم من ناحية أخرى في سياق تنوّع الموضوعات والمناهج”.
ولفت الدكتور برهومي إلى أنّ “أزمات المعرفة الإنسانيّة تختلف من سياق ثقافي إلى آخر ومن مرحلة تاريخيّة إلى أخرى وفي حالة اشتغالنا على الحدود الفاصلة في العلوم الإنسانيّة بين الشّواغل والعوامل الإنسانيّة ونسبيّة حقائقها من جهة وبالمرجعيّات المقدّسة بما هي يقين لا يتعارض مع البرهنة العلميّة أو التّأويليّة العرفانيّة ولكنّها في نهايتها ليست سوى مقاربات إنسانيّة في حدود نسبيّتها التي لا ترقي إلى المرجعيّة المقدّسة في انتسابها إلى أيّ متن اعتقاديّ سيّما في سياق رؤية العقيدة الإسلاميّة لصلة الإنسان بالكون”.
هذا وقد شهدت الجلسات عدداً من المداخلات والأسئلة من قبل الحضور. ويستكمل المؤتمر أعماله يوم الأربعاء، بثلاث جلسات تعالج التجارب على أن يُختتم بتلاوة التوصيات الختاميّة للمؤتمر.

II.    أعمال اليوم الثاني: بيروت – 21 تشرين الثاني 2018

استكملت أعمال اليوم الثاني والأخير للمؤتمر الدوليّ لـ”التأصيل الثقافي للعلوم الإنسانية: رؤى وتجارب”، الذي نظمته جامعة المعارف، وقد عُقدت فيه ثلاث جلسات، يوم الأربعاء 21 تشرين الثاني، في “قرية الساحة التراثية” بالعاصمة اللبنانية بيروت.
المحور الرّابع حمل عنوان “تجارب في التأصيل الثقافي” وقد ترأس الجلسة الدكتور محمد ضيف الله القطابري، رئيس جامعة عمران من صنعاء، اليمن. في المداخلة الأولى عرض التجربة الإيرانية الدكتور محمد سعيد مهدوي كني من إيران حيث طرح في ورقته شعار “الجامعة الإسلامية المرجع”، والتي “حصلت على هوية مستقلة عن المؤسسات التعليمية الأخرى في إيران. وتَفرُّد هذه المؤسسة في مسار انتاج العلوم الإنسانية والاجتماعية الإسلامية، يمكن أن يُعتبر حصيلة رؤيتها الخاصة إلى البنية، والمنهاج التعليمي، وإلى المعلّم والمتعلّم كمكونات أساسية مانحة لهوية هذه الجامعة”.
أما الدكتور أنور أبو طه من فلسطين، فعرض تجربة المعهد العالمي للفكر الإسلامي في “إسلامية المعرفة” وذلك من خلال “عملية إنتاج المعارف في شتى العلوم والتي ساهمت في بناء الجامعة الإسلامية في ماليزيا والمعاهد المختلفة”.
التجربة التركية، حضرت في مشاركة الدكتور إبراهيم پور، من تركيا، والذي عرض “أثر التغريب على النظام التعليمي في تركيا وما تركه من عواقب على المجتمع، انطلاقاً من المعطيات التاريخية”، مناقشا في بحثه الآثار التي تركتها عملية التغريب في الدولة العثمانية وفي تركيا الحديثة مسلّطاً الضوء على بعض الأحداث التاريخية المهمة.

في المحور الخامس، الذي تناول تجارب في التأصيل الثقافي، ترأس الجلسة الدكتور كلود الڤاريس منسق مشروع “تحرير الجامعة” من الهند. المداخلة الأولى كانت من أفريقيا للدكتور لوتو بابوزيبوا من أوغندا والتي حملت عنوان “الأفكار والتجارب الأفريقية حيال تأصيل العلوم”؛ إذ ركز الباحث في ورقته على “إعادة تنشيط جميع المواقع الثقافية والفكرية في المجتمع واللغات القومية بحيث يمكن للخبراء الاجتماعيين والأكاديميين أن يعالجوا إشكالية التكنولوجيا والعلوم الملائمة وإقرارها كي يتعاملوا مع تحدياتهم الوجودية”. أما تجربة جنوب شرق آسيا فعرضها الدكتور سيد فريد العطاس بعنوان “النظرية الجنوبية، التحرّر من الاستعمار والعلوم المستقلة”. في ورقته، عرض العطاس فكرة “النظرية الجنوبية” التي طرحت “كعلم اجتماعي مستقل متحرر من الاستعمار”، مناقشا في البداية فكرة ‘الجنوب’ كمفهوم إرشادي، “لكنه أقرب إلى التشبيه أو إلى الرمز للتبعية الفكرية، وهذا يؤدّي إلى فهم خاص لمعنى النظرية الجنوبية بوصفها علماً اجتماعيا محرراً من الاستعمار”.

المحور السّادس والأخير، تناول “دور الجامعة في التأصيل الثقافي” برئاسة الشيخ الدكتور أكرم بركات، مدير جمعية المعارف الإسلامية في لبنان، وقد تناول الدكتور طلال عتريسي، من جامعة المعارف، “واقع العلوم الإنسانية في الجامعات العربية”. واستعرض الباحث عتريسي “إشكاليات التعامل مع العلوم الإنسانية في الجامعات العربية إذ تبين من خلال متابعة ما كتب وما عقد من مؤتمرات في أكثر من جامعة عربية أن هناك قاسماً مشتركاً، هو ‘الأزمة’ في توصيف هذا التعامل مع تلك العلوم. وتعود هذه الأزمة إلى تشكل هذه العلوم خارج السياق التاريخي والمجتمعي للمجتمع العربي، وتبعيتها للسوسيولوجيا الغربية، وعدم الثقة بمناهجها في فهم مجتمعاتها، من جهة؛ واختصار عائد التعليم الجامعي بفاعليته في سوق العمل من جهة أخرى”. بدوره، عرض الدكتور محمد ضيف الله القطابري من اليمن، “مناهج التعليم الجامعي والتأصيل الثقافي”. وركز القطابري في دراسته على ضرورة احتواء المناهج على “أساسيات التأصيل الثقافي لمحتوياتها العلمية بالشكل الذي يضمن تحصين شبابنا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية من مخاطر الانحراف الفكري والغزو الثقافي في وقت أصبح فيه التداخل الفكري والثقافي بيد الثقافات المختلفة أسهل ما يمكن”. وعرج الدكتور حجاج أبو جبر، من مصر، في دراسته على “العلوم الإنسانية في خدمة المجتمع” على مفهوم “عصر بناء الأمة”، مستشهداً بـ”المفكر المصري أحمد لطفي السيد، المدير الأول للجامعة المصرية الجديدة في عشرينيات القرن العشرين، إذ لم يذكر كلمة ‘المجتمع’ في سيرته الفكرية ‘قصة حياتي’، في حين وردت كلمة ‘الأمة’ في سيرته ثمانين مرة”. وسعى الباحث أبو جبر في ورقته إلى عرض إشكالية “تقليد العلوم الإنسانية ومناهجها ونظرياتها وأثرها على النخبة الثقافية المصرية المتطلعة إلى بناء الأمة”.
وكانت قد شهدت جلسات المؤتمر عدداً من المداخلات والأسئلة من قبل الحضور. ومع نهاية الجلسات، توجه منسق المؤتمر، الدكتور طلال عتريسي، بالشكر للحضور واعداً بأن “أعمال هذا المؤتمر بصدد الجمع والمراجعة تمهيداً لإصدار الكتاب، على أمل أن يُترجم إلى أكثر من لغة”. وفي الختام، قام رئيس جامعة المعارف بتوزيع دروع تكريمية على المشاركين في المؤتمر.

المصدر: بريد الموقع